للمسلمين على نزورة وفرهم
كنز يفيض غنى من الأوقاف
كنز لو استشفوا به من دائهم
لتوجّروا منه الدواء الشافي
ولو ابتغوا للنشئ فيه ثقافة
لتثقفوا منه بخير ثقاف
ولو ارتقوا بجناحه في عصرهم
لأطارهم بقوادم وخوافي
لكنّهم قد أهملوه وأعملوا
في جانبيه عوامل الاتلاف
فإذا نظرت رأيت ثمة أرضه
تجري الرياح بها وهنّ سوافي
قد تابعوا الموتى عليه وما وقَوا
أهل الحياة به من الأحجاف
وقفوا به عند الشروط لواقف
وتغافلوا عن حكمة الإيقاف
تركوا له في العصر نفعاً ظاهراً
وتعاملوا فيه بنفع خافي
لم يستجدّوا فيه شيئاً واكتفَوا
في كل حال منه بالسفساف
غرسوه غرساً مثمراً لكن جرت
غير الزمان فعاد كالصفاف
قل للذين تقيّدوا بشروطه
ماذا التوقف عند رسم عافي
أنريد أن يقفو الزمان أمورنا
وأمورنا هي للزمان قوافي
هل بين شرط الواقفين وكل ما
نفع العموم تناقض وتنافي
الأرض مسجدنا ففيم مساجد
أمست تعدّ اليوم بالآلاف
كان الصلاة بمسجد وبغيره
في الحكم واحدة لدى الأسلاف
هلاّ جعلن مدارساً فيّاضة
من كل علم بالزلال الصافي
ينتابها أبناؤكم كي يأخذوا
من كل فن بالنصيب الوافي
فيفيض فيض العلم حتى يرتوي
منه بنو الأمصار والأرياف
إن لم يكن شرف البلاد محصّناً
بالعلم كان مهدّد الأطراف
وإذا النفوس تسافلت من جهلها
لم يعلها شمم من الآناف
هذي لخزانة أنشئت فبناؤها
للأمر فيه تدارك وتلافي
أيظنّ ذو عقل بأنّ بناءها
شيء لشرط الواقفين منافي
تاللّه ليس بمنكر تشييدها
إلا امرؤ خال من الانصاف
أحّيوا بها عصر العلوم لدولة
خلفاؤها من آل عبد مناف
عصر الرشيد أبي الخلائف إذ غدت
بغداد رافلةً بمجد ضافي
في عهد فيصلنا المعظّم انشئت
علماً يشير لأشرف الأهداف
فإذا هتفت بحمده وبشكره
ردّ الصدى بنيانها لهتافي
ناديت طلاب العلوم مؤرخاً
حجّوا بناء خزانة الأوقاف