يا عَبلَ خَلّي عَنكِ قَولَ المُفتَري
وَاِصغي إِلى قَولِ المُحِبِّ المُخبِرِ
وَخُذي كَلاماً صُغتُهُ مِن عَسجَدٍ
وَمَعانِياً رَصَّعتُها بِالجَوهَرِ
كَم مَهمَهٍ قَفرٍ بِنَفسي خُضتُهُ
وَمُفاوِزٍ جاوَزتُها بِالأَبجَرِ
كَم جَحفَلٍ مِثلِ الضَبابِ هَزَمتُهُ
بِمُهَنَّدٍ ماضٍ وَرُمحٍ أَسمَرِ
كَم فارِسٍ بَينَ الصُفوفِ أَخَذتُهُ
وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا المُتَكَسِّرِ
يا عَبلَ دونَكِ كُلَّ حَيٍّ فَاِسأَلي
إِن كانَ عِندَكِ شُبهَةٌ في عَنتَرِ
يا عَبلَ هَل بُلِّغتِ يَوماً أَنَّني
وَلَّيتُ مُنهَزِماً هَزيمَةَ مُدبِرِ
كَم فارِسٍ غادَرتُ يَأكُلُ لَحمَهُ
ضاري الذِئابِ وَكاسِراتُ الأَنسُرِ
أَفري الصُدورَ بِكُلِّ طَعنٍ هائِلٍ
وَالسابِغاتِ بِكُلِّ ضَربٍ مُنكَرِ
وَإِذا رَكِبتُ تَرى الجِبالَ تَضِجُّ مِن
رَكضِ الخُيولِ وَكُلَّ قُطرٍ موعِرِ
وَإِذا غَزَوتُ تَحومُ عِقبانُ الفَل
حَولي فَتَطعُمُ كَبدَ كُلِّ غَضَنفَرِ
وَلَكَم خَطِفتُ مُدَرَّعاً مِن سَرجِهِ
في الحَربِ وَهوَ بِنَفسِهِ لَم يَشعُرِ
وَلَكَم وَرَدتُ المَوتُ أَعظَمَ مَورِدٍ
وَصَدَرتُ عَنهُ فَكانَ أَعظَمَ مَصدَرِ
يا عَبلَ لَو عايَنتِ فِعلي في العِد
مِن كُلِّ شِلوٍ بِالتُرابِ مُعَفَّرِ
وَالخَيلُ في وَسطِ المَضيقِ تَبادَرَت
نَحوي كَمِثلِ العارِضِ المُتَفَجِّرِ
مِن كُلِّ أَدهَمَ كَالرِياحِ إِذا جَرى
أَو أَشهَبٍ عالي المَطا أَو أَشقَرِ
فَصَرَختُ فيهِم صَرخَةً عَبسِيَّةً
كَالرَعدِ تَدوي في قُلوبِ العَسكَرِ
وَعَطَفتُ نَحوَهُمُ وَصُلتُ عَلَيهِمُ
وَصَدَمتُ مَوكِبَهُم بِصَدرِ الأَبجَرِ
وَطَرَحتُهُم فَوقَ الصَعيدِ كَأَنَّهُم
أَعجازُ نَخلٍ في حَضيضِ المَحجَرِ
وَدِماؤُهُم فَوقَ الدُروعِ تَخَضَّبَت
مِنها فَصارَت كَالعَقيقِ الأَحمَرِ
وَلَرُبَّما عَثَرَ الجَوادُ بِفارِسٍ
وَيَخالُ أَنَّ جَوادَهُ لَم يَعثُرِ