يَرْمي فؤاديَ وَهْوَ في سَوادئهِ
أتُراهُ لا يخْشَى على حَوبْائه
ومنَ الجهالةِ وهْوَ يَرشُقُ نفسه
أنْ تَطْمعَ العشّاقُ في إبقائه
تاهَ الفؤادُ هوى وتاهَ تعَظُمّاً
فمتى إفاقةُ تائهٍ في تائه
رَشَا يُريك إذا نَظْرتَ تَثنيِّاً
تُسّبي قلوبُ الخَلْقِ في أثنائه
عَلقَ القضيبُ معَ الكثيبِ بقدهِ
مُتجاذبَيْنِ لحُسنه وبَهائه
حتّى إذا بلَغا الخِصامَ تَراضيَا
للفَصْلِ بينهما بَعقْدِ قبَائه
ذُو غُرةٍ كالنّجمِ يلمَعُ نورُه
في ظلمةٍ أخْفَتْهُ من رُقبَائه
بيضاءُ لمّا آيسَتْ من وصْلِها
وبدَتْ بُدُوَّ البَدْرِ وَسْطَ سمَائه
أَترَعْتُ في حِجْري غديراً للبُكا
فعسى يلوحُ خيَالُها في مائه
ومُسّهدٌ حَلّ الصبًّاحُ بفرْعِهِ
من طُولِ ليلته ومن إعيائه
شُقّتَ جيوبُ جفونهِ عن ناظرٍ
من طيَفْهم خالٍ ومن إغفائه
مُتَطاوِلٌ أسفارُه مُتَوسِّدٌ
وَجَناتُه إحدى يَدَيْ وَجنْائه
طَوراً يُرَى زَوْرَ الجِبالِ وتارةً
يَرْمي العراقُ به إلى زَوْرائه
والدَّهرُ أتعَبُ أهِله مِن أهلِه
منْ حاول التّقويم من عوجائه
مالي وما للدّهر ما من مطلَبٍ
أُدنيه إلاَّ لجَّ في إقصائه
دَهرٌلعَمرُك هَرَّمتْه كَبْرةٌ
حتْى غدا يَجْني على أبنائه
يُبدِى التَعجّبَ من كثير عَنائه
فيه اللّبيبُ ومن قليلِ غَنائه
مُتَقلّبٌ أيامَه تَجِدُ الفتى
حيرانَ بين صباحهِ ومَسائه
كدَرَتْ فليس يَبينُ آخرُ أمرها
وظُهورُ قَعْرِ الماء عند صَفائه
مَنْ لي بذي كرَمٍ أقرّطُ سَمْعَهُ
شَكوْى زمانٍ مَرَّ في غُلوَائه
إنّ الزمان إذا دهَى بصُروفه
شُكِيَتْ عَظائمُه إلى عُظَمائه
الدينُ والدُّنيا كُفيتَ مُهمّها
مهما جَلْوتَ ظلاّمَها بضيائه
ولأحمدَ بنِ علّي اجتمعَتْ عُلاً
لم تَجتمعْ من قَبله لسِوائه
فَرْدٌ بألفِ فضيلةٍ فيه فما
في العَصْرِ رّبُّ كفايةٍ بكِفائه
لا تنجِلي ظُلَمُ الخطوبِ عن الفتَى
إلاّ برؤيةِ وَجهْهِ وبرائه
مَلَك المُروءةَ دون أهلِ زمانه
مُلْكَ المَواتِ لمُبتْدِي إحيائه
ماضي العزيمةِ لا يُطاقُ سُؤالُه
أبدَ الزّمان لَسبقِه بَعَطائه
يُفْنِي ذخائَرَهُ ويبُقى ذكْرَه
إفناؤها نَهْجٌ إلى إبقائه
وإذا أمات المالَ أصبحَ وارثاً
من آمِلٍ أحياهُ حُسْنَ ثَنائه
ذُخْرانِ مَوْروثانِ قد بَقيا له
حَمْدٌ ومَجدٌ طال فَرْعُ بنائهِ
من ذاهبَيْنِ تَصرَّما فالحَمْدُ من
أموالهِ والمَجْدُ من آبائه
وأجَلُّ من آلائه عندَ الورّى
منه احتقارُ الغُرِّ من آلائه
فيظَلُّ يَحْبوُ مُستميحَ نَوالهِ
وكأنّما هو طالِبٌ من لحبائه
وترى له كرماً يغالط نفسه
ويصحف المسطور من أبنائه
يَحْبو ويَقْرأ أنه يَجنْى فَعن
دَ حِبائه يتَغْشاهُ فَضْلُ حيَائه
فَتَراهُ مُعْتَذِراً بغيرِ جنايةٍ
عُذْرَ الجُناةِ إلى أخي استِجْدائه
إنّي لأُفكِرُ كيف أنظمُ شُكْرهُ
فلقد تَملّكني كريمُ إِخائه
لكنْ أُؤمِّلُ أن يَظَلَّ على الورى
في أُفْقه المحسودِ من عَلْيائه
هو و الأعزّةُ من بَنيه دائماً
كالبَدْرِ وَسْطَ الشُهْبِ في ظَلمْائه