أأراكةَ الوادي سقَتْكِ غُيوثُ
ونَماكِ مَوْلىُّ التلاعِ دَميثُ
وسَرى إليك معَ الصّباح بسُحْرةٍ
سارٍ تُدَرّجهُ أباطِحُ مِيث
من أيكةٍ مجْدودةٍ لفُروعها
عن سِرّ أفواهِ الدُّمَى تَنفيث
لرَطيبهنَّ عنِ القدودِ حِكَايةٌ
وليَبْسهنَّ عن الثُّغور حَديث
ما حُدَّ منه جُدَّ من رَشفاتِها
ولكُلِّ مُلْتهِفٍ أُتيحَ مُغيث
أيُّ المشارب كان أنقعَ قلْ لنا
والدّهرُ فيه حُزونةٌ ووُعوث
أزمَانَ غُصنِك يا أراكُ مُرنَّحٌ
يختالُ أم عودٌ به تَشعيث
بَرْقُ الغمائمِ والمبَاسمِ لم يَكَدْ
أن يُوِمضا إلا وأنت مَغيث
حَظٌّ رُزِقْتَ مَنالَهُ وحُرِمْتُه
والحَظُّ يَعجَلُ تارةً ويَريث
واهاً لعَصْرِ العامريّةِ بالحِمَى
والعَهْدِ لولا أنّه مَنْكوث
كيف السُّلُوُّ وبابِلُّي لِحاظِها
بالسِّحْرِ في عُقَدِ القُلوبِ نَفُوث
بَيضاءُ فاتنةٌ لصَخْرةِ قَلْبها
في ماء عَيْني لو تَلِينُ أميث
مقسومة شمساً وليلاً إذ بدت
للناظرين فواضح وأنيث
فالشمس في حيثُ النِّقابُ تَحُطُّه
والليلُ في حيثُ الخِمارَ تَلوث
وَدَّ الهلالُ لَوَ أنهُ طّوْقٌ لها
والنَّجْمُ لو أمسَى بِها الترعيث
والشَّمسُ أقنَعَ قَلْبَها من شِبْهِها
أن قد تَعلَّقَ باسْمِها تأنيث
شامَتْ لِيورِثَها فؤادي نَظْرةً
هيهاتَ ليس لقاتِلٍ تَوْريث
سائلْ عنِ الشُّهداء مِن قَتْلَى الهَوى
ولهم من الحَدَقِ النَّجيع نَفيث
أَمِنَ المَصارعِ بَعْثُهم فأنا إذنْ
من تحتِ عَطْفةِ صُدْغِها مَبْعوث
رشَأٌ يُخَضِّبُ عَشْرَهُ أنْ لم يَزَلْ
منّي الفؤادُ بكَفِّه مَضْبوث
كم قد أثَرتُ وراءه من مُقلتي
أنضاءَ دَمْعٍ سَيْرُهُنَّ حَثيث
في ليلةٍ مِن شَعْره وظلامها
وكآبتي حَبْلُ الدُجَى مَثْلوث
فاليومَ في تلك المَوارِد منهمُ
رَنَقٌ وفي تلك القُوى تَنْكيث
فلْيّرجِعَنَّ العاذلون على الهوى
ولهم بحُسْنِ تَجَلُّدي تَحْديث
فلقد جذَبْتُ زمامَ قلبي جَذْبةً
حتى ارعوَيْتُ وللأمور حُدوث
وتَغولّتْ بي عُرْضَ كُلِّ تَنوفةٍ
يَهْماءَ فَتْلاءُ الذِّراع دَلوث
وكأنّها وَسْطَ الفدافِدِ ناشِطٌ
راعَتْهُ غُضْفٌ شَفَّها التَّغْريث
ما زال يَفْلِي بي على هَوْل السُّرى
لِممَ البلادِ نَجاؤها المَحثوث
حتى نّزلْتُ بسِرِّ مجدٍ باهرٍ
لم يَجْلُ عن مِثْلٍ له تَبْحيث
فرأيتُ غَيثَ ندىً مَرَتْهُ سحائبٌ
غُرٌّ وليثَ وغَىً نَمتْهُ لُيوث
مَنْ شَبَّ ناراً للسماح رفيعةً
فالطّارقونَ فَراشُها المْبثوث
وأجَرَّه ذَيْلَ الفَخار وقد سَما
صُعُداً قديمٌ من عُلاً وحَديث
ذاك الهُمامُ مُهذَّبُ الدينِ الّذي
بنَوالهِ لبنى الرّجاء يُغيث
وله المَحامِدُ والمَعالي حِلْيةٌ
فالحَمْدُ كَسْبٌ والعُلا مَوروث
يَبْني محَامِدَهُ بهَدْمِ تلادِه
والجُودُ في مال الكريمِ يُعِيث
ذو هِمّةٍ يَغْدو السّحابُ بجودِه
مُستَصرِخاً فَرُعودُه تَغْويث
والشّمسُ تَستَضوي بنُور جبينه
فله إليها مِن سَناهُ بَعوث
والبدْرُ بابن أبيه يَفَخرُ كلّما
أمسى مخامِد ناره تأريث
حامي الحقيقة دونَ ذمّة جاره
إن عادَ حَبْلُ سِواهُ وهْو نكيث
أسَدٌ له مِمّا بَراهُ مِخْلبٌ
فيه لأكباد العِدا تَفْريث
ورِشاءُ فِكْرٍ مُرسَلٌ من كفّهِ
أبداً به درُّ الكلامِ نَبيث
نظرا نداهُ لمالِه التّربيعُ طو
لَ زمانه ولوَفْدهِ التَثْليث
أمّا إذا اعتمد الحسابَ فدأبُه
لعُفاته التنقيبُ والتبحيث
حتى إذا ما جادَ أصبحَ مالُهُ
بيدَيْ نَداهُ وأصلُه مجْثوث
كفُّ الكريمِ غَمامةٌ وصَنائعُ ال
معروف إن زكَت البِقاعُ حُروث
وأرى التَعرُّضَ باللئامِ جَهالةً
إن جَلَّ خَطْبٌ في الزَّمانِ كَريث
كالطّفل يَخدَع نَفْسَه عن رَشْفهِ
للثَدْيِ يُنقَعْ وَدْعُه المَمْروث
أم هلْ ملوكٌ لا تَبضُّ صَفاتُهم
إلا يَعوقُ لعابدٍ ويَغوث
وكأنّما الدُّنيا فَمٌ فيه الورى
كَلِمٌ فمنْها طَيِّبٌ وخَبيث
كم مَدْحٍ المَمدوحُ محْشوشٌ بهِ
والمادحُ المغْبُونُ فيه مَروث
والجُودُ ليس بمُخْلِدٍ لكنَّ مَن
نَفَع الورى فالعُمْرُ منه مَكيث
خُذها إذا خاضَ المسامعَ حُسنُها
قالوا جَريرٌ راجِعٌ وبَعيث
بِكْرٌ لكُفْؤٍ ماجِدٍ ما مِثْلُها
لسواهُ مَجْلُوٌ ولا مَطْموث
والخاطِبونَ المدحَ أشباهُ الظُّبى
منها الذُّكورُ وبعضُهنَّ أَنيث