منَحتُكَ فاشكَرْها مقالةَ ناصحٍ
كما شكَرتْ ثِقْلَ الشُنوفِ المَسامعُ
تَناسَ الأسَى وامسَحْ على القلبِ مَسحةً
كما انقادَ مَزْموماً إلى الصَّبرِ جازع
فلا غابِرٌ في الدَّهْرِ يَرجوهُ آملٌ
ولا غُبَّرٌ في الخِلْفِ يَمْريهِ طامع
نظَرْنا ومِلْءُ الجَوِّ والأرض ليلةً
نجومٌ وأصبَحْنا وكُلٌّ بَلاقع
ولكنّها غابَتْ ليومٍ وعاودَتْ
وغابوا وما فيهم إلى الحَشْرِ راجع
فبتُّ أُراعيها وأندُبُ معشَراً
شَأْوها إلى العُلْيا وهُنَّ طَوالع
يُقلّبْنَ تقليبَ الأرانبِ أَعيُناً
مُفتَّحةَ الأجفانِ وهْي هَواجع
لَقِيتُ صُروفَ الدَّهْرِ وهْي تَنوشُني
أُطاعنُها والقلبُ بالصّبرِ دارع
وأَستَجلِبُ الأقلامَ رِزْقي وغَيرُها
إلى الرّزْقِ لو أيقظْتُ عَزْمي ذرائع
جرَتْ وأعاليها أسافِلُ خِلْفةً
فلا خالفَتْها من كريمٍ أَصابع
ألا هل إلى نَيْلِ الغنى من وسيلة
يَمُتُّ بها إلاّ السُّيوفُ القَواطع
شُموسٌ تَهاوَى في رؤوسٍ فَيعْتلي
لها شَفَقٌ من حيثُ تَغرُبُ طالع
فحَتّامَ أَكسو الباخلينَ قلائداً
وفوقَ أَكُفِّ اللُّؤْمِ منهمْ جَوامع
وما الدُّرُّ في مُستودَعِ البحرِ ضائعاً
ولكنّه في أَخمَصِ الوَغْدِ ضائع
مَدائحُ أمثالُ الرُّقَى نَفَثاتُها
لتُكفَى الأذايا لا لِتُسْدَى الصّنائع
وقَرْعٌ لأبواب اللّئامِ تَعِلَّةً
ومُضطَربُ الأحرارِ في الأرضِ واسع
ألا قاتلَ اللهُ المطامعَ إنّما
تُذِلُّ عزيزاتِ النّفوسِ المَطامع
سأُظهِرُ أقصَى اليأسَ منهمْ نَزاهةً
وأرضَى بأدْنى العَيشِ والحُرُّ قانع
وأَدفَعُ عنّي طارِقَ الهمِّ بالمُنَى
وأَنظُرُ هذا الدَّهرَ ما هو صانع