ألا أيهذا المنزل الدارس اسلم

التفعيلة : البحر الطويل

أَلا أَيُّهَذا المَنزِلُ الدارِسُ اِسلَمِ

وَسُقّيتَ صَوبَ الباكِرِ المُتَغَيّمِ

وَلا زالَ مَسنوّا تُرابُكَ تَستَقي

عَزاليَ بَرّاقِ العَوارِضِ مُرزِمِ

وَإِن كُنتَ قَد هَيَّجتَ لي دونَ صُحبَتي

رَجيعَ هَوىً مِن ذِكرِ مَيَّةَ مُسقِمِ

هَوىً كادَتِ العَينانِ يَفرُطُ مِنهُما

لَهُ سَنَنٌ مِثلُ الجُمانِ المُنَظَّمِ

وَماذا يَهيجُ الشَوقَ مِن رَسمِ دِمنَةٍ

عَفَت غَيرَ مِثلِ الحِميَريّ المُسَهَّمِ

أَرَبَّت بِها الأَمطارُ حَتّى كَأَنَّها

كِتابُ زَبورٍ في مَهاريقَ مُعجَمِ

وَكُلُّ نَؤوجٍ يَنبَري مِن جُنوبِها

بِتَسهاكِ ذَيلٍ مِن فُرادى وَمُتئِمِ

أَضَرَّت بِها الأَرواحُ أَو كُلُّ ذَبلَةٍ

دَروجٍ مَتى تَعصِف بِها الريحُ تَرسُمِ

لِمَيَّةَ عِندَ الزُرقِ لَأياً عَرَفتُها

بِجُرثومَةِ الآريّ وَالمُتَخَيَّمِ

وَمُستَقوِسٍ قَد ثَلَّمَ السَيلُ جُدرَهُ

شَبيهٍ بِأَعضادِ الخَبيطِ المُهَدَّمِ

فَلَما رَأَيتُ الدارَ غَشَّيتُ عِمَّتي

شَآبيبَ دَمعٍ لِبسَةَ المُتَلَّثِمِ

مَخافَةَ عَيني أَن تَنُمَّ دُموعُها

عَلَيَّ بِأَسرارِ الضَميرِ المُكَتِّمِ

أُحِبُّ المَكانَ القَفرَ مِن أَجلِ أَنَّني

بِهِ أَتَغَنّى بِاِسمِها غَيرَ مُعجِمِ

وَلَم يَبقَ إِلّا أَنَّ مَرجوعَ ذِكرِها

نَهوضٌ بِأَحشاءِ الفُؤادِ المُتَيَّمِ

إِذا نالَ مِنها نَظرَةً هيضَ قَلبُهُ

بِها كَاِنهياضِ المُتعَبِ المُتَتَمِّمِ

تَغَيَّرتِ بَعدي أَم وَشى الناسُ بَينَنا

بِما لَم أَقُلهُ مِن مُسَدّى وَمُلحَمِ

وَمَن يَكُ ذا وَصلٍ فَيَسمَع بِوَصلِهِ

أَحاديثَ هَذا الناسِ يَصرِم وَيُصرَمِ

إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ تَعَسَّفَت

بِنا البُعدَ أَولادُ الجَديلِ وَشَدقَمِ

نَواشِطُ مِن يَبرينَ أَو مِن حِذائِهِ

مِنَ الأَرضِ تَعمي في النُحاسِ المُخَزَّمِ

بِأَبيَضَ مُستَوفي الخُطومِ كَأَنَّهُ

جَنى عُشَرٍ أَو نَسجُ قَزٍّ مُخَذَّمِ

إِذا هُنَّ عاسَرنَ الأَخِشَّةَ شُبنَها

بِأَشكَلَ آنٍ مِن صَديدٍ وَمِن دَمِ

وَكائِن تَخَطَّت ناقَتي مِن مَفازَةٍ

إِلَيكَ وَمِن أَحواضِ ماءٍ مُسَدَّمِ

بِأَعطانِهِ القِردانُ هَزلى كَأَنَّها

نَوادِرُ صَيصاءِ الهَبيدِ المُحَطَّمِ

إِذا سَمِعَت وَطءِ الرِكابِ تَنَغَّشَت

حُشاشاتُها في غَيرِ لَحمٍ وَلا دَمِ

جَشَمتُ إِلَيكَ البُعدَ لا في خُصومَةٍ

وَلا مُستَجيراً مِن جَريرَةِ مُجرِمِ

وَلَو شِئتُ قَصَّرتُ النَهارَ بِطَفلَةٍ

هَضيمِ الحَشا بَرّاقَةِ المُتَبَسَّمِ

كَأَنَّ عَلى أَنيابِها ماءَ مُزنَةٍ

بِصَهباءَ في إِبريقِ شَربٍ مُقَدَّمِ

إِذا قَرِعَت فاهُ القَواريرِ قَرعَة

يَمُجُّ لَها مِن خالِصِ اللَونِ كَالدَمِ

تَروحُ عَلَيها هَجمَةٌ مَرتَعُ المَها

مَراتِقُها وَالقَيظُ لَم يَتَجَرَّمِ

بِوَعساءَ دَهناويَّةِ التُربِ طَيّبٍ

بِها نَسَمُ الأَرواحِ مِن كُلِّ مَنسَمِ

تَحِنُّ إِلى الدَهنا بِخَفّانَ ناقَتي

وَأَنّى الهَوى مِن صَوتِها المُتَرَنِّمِ

إِلى إِبِلِ الزُرقِ أَوطانِ أَهلِها

يَحُلّونَ مِنها كُلَّ عَلياءَ مُعلَمِ

مَهاريسَ مِثلِ الهَضبِ تَنمي فُحولُها

إِلى السِرِّ مِن أَذوادِ رَهطِ اِبنِ قِرضِمِ

كَأَنَّ عَلى أَلوانِها كُلَّ شَتوَةٍ

جِسادَينِ مِن صِبغَينِ وَرسٍ وَعَندَمِ

يُثَوِّرُ غِزلانَ الصَريمِ اِطِّرادُها

خُطوطَ الثَرى مِن كُلِّ دَلوٍ وَمِرزَمِ

بِلا ذِمَّةٍ مِن مَعشَرٍ غَيرِ قَومِها

وَغَيرِ صُدورِ السَمهَريّ المُقَوَّمِ

لَها خَطَراتُ العَهدِ مِن كُلِّ بَلدَةٍ

لِقَومٍ وَإِن هاجَت لَهُم عِطرُ مَنشِمِ

نَجائِبُ لَيسَت مِن مُهورِ أَشابَةٍ

وَلا ديَةٍ كانَت وَلا كَسبِ مَأثَمِ

وَلَكِن عَطاءُ اللَهِ مِن كُلِّ رِحلَةٍ

إِلى كُلِّ مَحجوبِ السُرادِقِ خِضرِمِ

كَريمِ النَثا رَحبِ الفِناءِ مُتَوَّجٍ

بِتاجِ بَهاءِ المُلكِ أَو مُتَعَمَّمِ

تُبَرَّكُ بِالسَهلِ الفَضاءِ وَتَتَّقي

عُداها بِرَأسٍ مِن تَميمٍ عَرَمرَمِ

تَحَدَّبُ سَعدٌ وَالرِبابُ وَراءَها

عَلى كُلِّ طَرفٍ أَعوَجيٍّ مُسَوَّمِ

وَإِن شاءَ داعيها أَتَتهُ بِمالِكٍ

وَشُهبانِ عَمروٍ وَكُلُّ شَوهاءَ صِلدِمِ

وَإِن ثَوَّبَ الداعي بِها يا لَخِندِفٍ

فَيا لَكَ مِن داعٍ مُعَزٍّ مُكَرَمِ

وَإِن تَدعُ قَيسا قَيسَ عَيلانَ يأتِها

بَنو الحَربِ يُستَعلى بِهِم كُلُّ مُعظَمِ

كَثيرُ الحَصى عالٍ لِمَن فَوقَ ظَهرِها

بِهامَةِ مُلكٍ يَفنَخُ الناسَ مُقرَمِ

لَها كُلُّ مَشبوحِ الذِراعَينِ تُتَّقى

بِهِ الحَربُ شَعشاعٍ وَأَبيَضَ فَدغَمِ

إِذا اِستَرسَلَ الراعي رَعَتها مَهابَةٌ

إِلى كُلِّ مَيّاسٍ إِلى المَوتِ مُعلِمِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لعمري وما عمري علي بهين

المنشور التالي

مررنا على دار لمية مرة

اقرأ أيضاً