وطنَ النجومِ: أنا هُنا
حدّقْ، أتذكرُ مَن أنا؟
أَلَمَحتَ في الماضي البعيدِ
فتىً غريرًا أرعنا؟
جذلانَ يَمرحُ في حقولِكَ
كالنسيمِ مُدندنا
المُقتَني المملوكُ ملعبُه
وغيرُ المقتَنَى!
يتسلّقُ الأشجارَ لا ضَجَرا
يُحسُّ ولا وَنَى
ويعودُ بالأغصانِ يَبريها
سيوفًا أو قَنا
ويَخوضُ في وحلِ الشّتا
مُتهلّلا مُتيمّنا
لا يتّقي شرَّ العيونِ
ولا يخافُ الألسنا
ولَكَمْ تَشيطنَ كي يَقولَ
الناسُ عنه “تشيطنا”
***
***
أنا ذلكَ الولدُ الذي
دُنياه كانت ههنا!
أنا مَن مياهِكَ قطرةٌ
فاضتْ جداولَ مِن سَنا
أنا مِن ترابِكَ ذرّةٌ
ماجَتْ مواكبَ مِن مُنَى
أنا مِن طيورِكَ بلبلٌ
غنّى بمجدِكَ فاغتنى
حَمَلَ الطّلاقةَ والبشاشةَ
مِن ربوعِكَ للدُّنى
كم عانقَتْ رُوحي رُباكَ
وصفّقتْ في المُنحنى؟
للأَرْزِ يَهزأُ بالرياحِ
وبالدهورِ وبالفَنا
للبحرِ يَنشرُهُ بُنوكَ
حضارةٍ وتمدّنا
لليلِ فيكَ مُصلّيا،
للصبحِ فيكَ مُؤذِّنا
للشمسِ تُبطئُ في وداعِ
ذُراكَ كيلا تَحزنا
للبدرِ في نَيسانَ كحّلَ
بالضّياءِ الأعينا
فيذوبُ في حَدَقِ المَهَا
سِحرًا لطيفًا ليّنا
للحقلِ يرتجلُ الرّوائعَ
زَنبقا أو سوسنا
للعشبِ أثقلَه النّدى ،
للغُصنِ أثقلَه الجَنَى
عاشَ الجمالُ مشرّدًا
في الأرضِ يَنشُدُ مسكنا
حتّى انكشفتَ له فألقى
رحلَه وتوطّنا
واستعرضَ الفنُّ الجبالَ
فكنتَ أنتَ الأحسنا
لله سرٌّ فيكَ، يا
لِبنانُ،لم يُعلنْ لنا
زعموا سلوتُكَ.. ليتَهم
نسبوا إليّ المُمكنا
فالمرءُ قد ينسى المُسيءَ
المفترَى ، والمُحسنا
واللهوَ، والحسناءَ، والوترَ
المُرنّحَ، والغِنا
ومرارةَ الفقرِ المذلِّ،
بل ولذّاتِ الغِنى
لكنّه مهما سلا
هيهاتَ يسلو الموطنا