أي نعيم في الصبا والمقترح

التفعيلة : بحر الرجز

أيّ نعيمٍ في الصِّبَا والمُقْتَرَحْ

وشغلُ كفّيّ بكوبٍ وقَدَحْ

فَلا تَلُمني إنّني مُغْتَنِمٌ

مِنَ السّرورِ في زَمَاني ما مَنَحْ

فإنّهُ مُسْتَرْجِعٌ هِبَاتِهِ

وباخلٌ مِن الصِّبا بما سَمَح

وَسَقِّني من قهوَةٍ كاساتُها

تُسْرِجُ في الأيدي مصابيحَ الصّبح

لو شمَّها صاحٍ عَسيرٌ سُكْرُهُ

تحتَ لثامٍ في فدامٍ لَطَفَحْ

ولا تسوّفْني إلى ترويقها

لا يَشْتَوي اللّيثُ إذا اللّيثُ ذَبَحْ

حتى أقولَ زاحفاً من نشوَتي

يَحْسُنُ بالتزحيفِ بيتُ المنسرح

ومالئٍ زقّاً وكاهُ مردياً

سمَّ الأسَى منهُ بدُرْياقِ الفَرَح

وجاثمٍ بين النّدامَى تَرْتَوي

أشباحُهُمْ منه بما يَرْوَى شَبَح

كأنّما رَدّتْ عليه روحَهُ

سُلافَةُ الرّاح فإن مُسّ رمح

غضّ الصّبا كأنّما حديثهُ

يمازجُ النّفسَ بأنفاسِ الملح

حلّ وكاءً شدّهُ عن مُدْمَجٍ

طَلّ دم العنقودِ منه وسفح

حتى إذا ما صبّ منه رَيّقاً

سدّ على ذَوْبِ العَقيقِ مَا فتح

ترَى نجيعَ الزقّ منهُ راشحاً

كأنّهُ من وَدَجِ اللّيلِ رَشَح

مُدامَةٌ للرّوحِ أُخْتٌ بَرّةٌ

يَنْأى بها سُرورُنا عنِ التَرَح

قد عَلِمَتْ مزاجَهُ فَشُرْبُها

يَجْرَحُهُ ثُمّتَ يَأسُو ما جَرَح

وتجعلُ القارَ الذي باشَرَها

في الدنّ مسكاً للعرانينِ نفح

يحجب جسمُ الكاسِ من سعيرِها

نفحاً عن الكاسِ ولولاه نفح

والشّمْسُ منها في نقابِ غَيمِها

مخافةً من نورها أن تُفْتَضَحْ

يومٌ كأنّ القَطْرَ فيهِ لؤلؤٌ

يَنْظِمُ للرّوضِ عُقُوداً وَوُشَح

يَقدحُ ناراً من زنادِ بَرْقِهِ

ويطفئُ الغيثُ سريعاً ما قَدَح

لمّا جَرَتْ فيهِ الصَّبا عَليلةً

رقّ الهواءُ فيهِ للنّفسِ وصَح

كأنّما الكافورُ نَثْرُ ثَلْجِناْ

أو نَدَفَ البُرْسَ لنا قوسُ قزح

حتى علا الجوَّ دجىً لم يَغْتَبِقْ

فيه الثّرَى من الحيا كما اصطَبَح

غرابُ ليل فوقنا مُحَلّقٌ

يَقْبِضُ عنّا ظلّه إذا جنح

وقد محا صبغَ الدّياجي قَمَرٌ

دينارُهُ في كَفّةِ الغَرْبِ رَجَح

حتى إذا ردّ حُدا عدوّهِمْ

من كان في وادي الرّقادِ قد سرَح

نَبّهَ ذا هَذا وكلٌّ طَرْفُهُ

يلمحُ طرْفَ الشكرِ من حيثُ لمح

يسألُ في تقويمِ جيدٍ مائلٍ

لو لم يسامحْ في الحميّا لسَمَح

أضاربٌ كفّيه يَشدو سَحَراً

أم نافضٌ سقطيه فيه قد صَدَح

نبّهَ للقهوَةِ كلّ طافح

في مصرَعِ السكر قتيلاً مُطّرَح

من كلّ جذلان كأنّ رُوحَهُ

عن جسمه من شدّةِ السكرِ نَزَح

إنّ الّذي شَحَّ على إيقاظِهِ

سامَحَ في الشُّهْبِ نداماهُ فشَح

وجاءنا السّاقي بصَحنٍ مُفْعَمٍ

لو شاءَ أنْ يَسْبَحَ فيه لسَبَح

يا لائمي في الراح كم سيئةٍ

تجاوَزَ الغَفّارُ عنها وصَفَح

ماذا تُريدُ من سَبُوقٍ كُلّما

رُمْتَ وقوفاً منه باللّومِ جَمَح

أغشُّ خلقِ اللَّه عند ذي هوى

من عَرَضَ الرشدَ عليه ونصح

حتى إذا فكّرَ عَنْ بَصيرَةٍ

ذمّ من الأفعالِ ما كان مَدَح


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

طرقت والليل ممدود الجناح

المنشور التالي

قم هاتها من كف ذات الوشاح

اقرأ أيضاً