قم هاتها من كف ذات الوشاح

التفعيلة : البحر السريع

قُمْ هاتِها من كفّ ذاتِ الوِشاحْ

فقَد نَعى اللّيلَ بشيرُ الصّباح

واحللْ عُرَى نومكَ عن مُقلَةٍ

تَمْقُلُ أحداقاً مِراضاً صحاح

خَلِّ الكرَى عَنكَ وخُذْ قَهْوَةً

تُهدي إلى الرّوحِ نسيمَ ارتياح

هذا صَبُوحٌ وَصَبَاحٌ فما

عُذْرُكَ في تَرْكِ صَبُوح الصّباح

باكِرْ إلى اللّذّاتِ وارْكَبْ لها

سَوابقَ اللّهوِ ذواتِ المِراح

من قبل أنْ ترشُفَ شمسُ الضّحى

ريقَ الغوادي من ثُغُورٍ الأقاح

أو يطويَ الظلُّ بساطاً إذا

ما بَرِحَ الطلّ له عنْ بَرَاح

يا حَبّذا ما تبصرُ العينُ مِنْ

أنْجُمٍ راحٍ فوقَ أفلاكِ راح

في روضةٍ غنّاءَ غنّتْ بها

في قُضُبِ الأوْراقِ وُرْقٌ فِصَاح

لا يعرفُ النّاظرُ أغصانَها

إذا تثنتْ من قدودِ الملاح

كَأنّ مفتوتَ عبيرٍ بها

مُطَيّبٌ منه هُبوبُ الرّياح

من كلّ مقصورٍ على رنّةٍ

لو دمَعَتْ عَينٌ له قلتَ ناح

أو ساجعٍ تحسَبُ ألحانَهُ

مِن كُلّ نَدمانٍ عَلَيهِ اقتراح

إنْ قيل بَدّلْ بُدّلَتْ نَغْمَةٌ

منه كأنّ الجِدّ منها مُزاح

يا صاحِ لا تصحُ فكمْ لذّةٍ

في السكرِ لم يَدْرِ بها عيشُ صاح

وأَركبْ زماناً لا جماحٌ لهُ

من قبْلِ أنْ يحدثَ فيه الجماح

قلتُ لحادينا وكأسُ السرى

دائِرَةٌ من كَفّ عَزْمٍ صُرَاح

والعيسُ في شِرّةِ إرقالها

تلطِمُ بالأيدي خدودَ البطاح

لا تُطْمِعِ الأنضاءَ في راحةٍ

وإن وصلنا بغدوٍّ رواح

من كلّ مثل الغَرْبِ مَمْلُوءَةٍ

أيناً فما تَنْشَطُ عندَ امتِياح

فهي سخيّاتٌ وإنْ خلتها

بما أنالَتْ من ذميلٍ شحاح

تمتحُ بالأَرسانِ أرْماقَهَا

إِلى الرَشيدِ المَلِكِ المُستَماح

إنّ عُبَيدَ اللَّه منه انتَضَت

يمانيَ البأسِ يمينُ السّماح

مَلْكٌ به تُخْتَمُ أهْلُ العُلَى

إِذا بدا فَبِأَبيهِ افتِتاح

وعمّ منهُ الذلُّ أهلَ الخنى

وعمَّ منْهُ العزُّ أهلَ الصّلاح

مستَهدِفُ المعروفِ سمحٌ لهُ

عِرْضٌ مَصُونٌ وثناءٌ مباح

يخفضُ في المُلْكِ جنَاحَ العُلى

لم يَرْفَعِ القَدْرَ كخفضِ الجَناح

تمهرُ أرواحَ العدى بيْضُهُ

إذا أرادتْ من حروبٍ نكاح

فكلّما غَنّتْهُ في هامهم

أبْقَتْ على إثْرِ الغناءِ النّياح

كَمْ ليلَةٍ أشرَقَ في جُنحِها

بخضرمِ الجَيشِ إلال الصّباح

تسري بها عقبانُ راياتِهِ

مهتَدياتٍ بنُجومِ الرّماح

حوائِماً تحسبُ في أُفْقِهِ

مَجَرّةَ الخَضراءِ ماءً قراح

كأنّها والرّيحُ تَهفُو بهَا

قلوبُ أعدائِكَ يومَ الكِفاح

كَمْ مأزِقٍ أصدرتْ عن أُسْدِهِ

حُمْراً خَياشيمَ القنا والصفاح

يَفتَح في سَوْسَانِ لَبّاتِهِم

بنفسجُ الزّرْقِ شقيقَ الجراح

كأنّ أطرافَ الظُّبَى بينَهُمْ

تفلقُ فوقَ الهامِ بيضَ الأداح

أقبلتَهُمْ كلّ وجيهيَّةٍ

تضيّقُ العُمْرَ خطاها الفساح

كأنّما ترشَحُ أبصارُهَا

بما اغتَذَتْهُ من ضَريبِ اللّقاح

لولاك يا ابن العزّ من يَعْرُبٍ

لم تَلجِ الآمالُ بابَ النّجاح

ولا تَلَقّى الفَوزَ إذ سوهموا

بنو القوافي من مُعَلّى القداح

فانْعمْ بعيدٍ قد أتى ناظماً

كلُّ لسانٍ لك فيه امتداح

فقد أرتنا في ابتذالِ اللّهَى

كفُّكَ أفعالَ المُدَى في الأضاح


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أي نعيم في الصبا والمقترح

المنشور التالي

أشارت وسحب الدمع دائمة السفح

اقرأ أيضاً