أخذت برأي في الصبا أنا تاركه

التفعيلة : البحر الطويل

أَخَذتُ بِرأيٍ في الصبا أَنا تاركُهْ

فلم تَرَني في مَسْلكٍ أنت سالكُه

وإن لم أعاقرْكَ المدامَ فإنّني

حَقَنْتُ دمَ الزِّقّ الذي أنت سافِكُه

وإنَّ رَزايا العُمرِ مِنْهُنّ مركبي

ثقالٌ بأعطانِ المنايا مَبارِكُه

دُفِعْتُ ولم أمْلِكْ دفاعَ مُلِمّةٍ

إلى زَمَنٍ في كُلِّ حينٍ أُعاركُه

وجيشِ خطوب زاحمٍ كلّ ساعةٍ

فما أنْفُسُ الأحياءِ إلّا هوالكُه

كأنّ البروقَ الخاطفاتِ بُرُوقُهُ

وَزُهْرُ النجومِ اللائحاتِ نَيازِكُه

فإن تَنْجُ نفسي من كلومِ سلاحِهِ

فَإِنَّ بِرَأسي ما أَثارَتْ سَنابِكُه

مَضَى كُلُّ عَصرٍ وهو حرْبٌ لأهْلِهِ

وهل تَصْرَعُ الآسادَ إلّا مَعارِكُه

بِرَغمي وَما في الحُبِّ بِالرغمِ لذَّةٌ

أُحِبّ مشيبي والغواني فَوَارِكُهْ

مُغَيّرُ حسني عن جميل رُوائِهِ

وَمُوهِنُ جسمي بالليالي وناهِكُه

رَأَتْني سُلَيمَى والقذالُ كأنّما

تَنَفّسَ فيه الصبحُ فابيَضَّ حالِكُه

كما نَظَرَتْ سلمى إلى رأس دعبلٍ

وقد عَجِبَتْ والشيبُ يُبكيه ضاحِكُه

فتاةٌ أرَى طرفي لِطرفيَ حاسِداً

يغايِرُهُ في حُسنِها وَيُماحِكُه

عَلى وَصلِها سِترٌ فَمَن لي بِهَتكِهِ

إِذا ما مَضى عَنّي منَ العمرِ هاتِكُه

شبابٌ له القِدْحُ المُعَلّى من الهوى

وما شِئتَ من رقّ الدّمى فَهوَ مالِكُه

كَأَنِّيَ لم يُؤنِسْ منَ السربِ وَحشَتي

مُشَنَّفُ أُذْنٍ فاتِرُ اللَّحظِ فاتِكُه

غَزالٌ تَراني ناصِباً من تَغَزّلي

له شَرَكاً في كلّ حالٍ يُشارِكُه

وصادٍ إلى ريّ الكؤوسِ غَمَرْتُهُ

بِعارِضِها والغيثُ دَرّتْ حواشِكُه

وَقُلتُ اغتَبِقْ مِن دَنِّها صرفَ قَهوةٍ

إلى قَدَحِ الندمانِ تفضي سَوالِكُه

وَيَمنَعُها مِن أَنْ تَطيرَ لَطافَةً

حَبابٌ عَلَيها دائِراتٌ شَبائِكُه

عَلى زَهْرِ رَوْضٍ ناضِرٍ تَحسبُ الرّبى

مُلوكاً عَلَى الأَجسامِ مِنهُم دَرانِكُه

وَباتَ لجينُ الماء بالقرِّ جامداً

لنا ونُضارُ البرق ذابتْ سبائِكُه

أَذلِكَ خَيرٌ أَم تَعَسُّفُ سَبسَبٍ

يُعَقِّلُ أَخفافَ النّجائبِ عاتِكُه

وَإِن جَنّ لَيلٌ أقبَلَتْ نَحوَ سَفْرِهِ

مُجَلَّحَةً أغوالُهُ وصعالِكُه

مهالكُهُ بالفألِ تُسمى مَفاوزاً

وما الفوزُ إلا أن تُخاضَ مهالِكُه

بِمُعطٍ غَداةَ السيرِ ظَهرَ حَنِيّةٍ

بَنَيتُ عَلَيها الكورَ فانْهَدَّ تامِكُه

أَلائِمَتي إِنَّ التجمُّلَ جَندلٌ

صَليبٌ وَإنّي بالتَّجَلُّدِ لائِكُه

أَرى طَرَفاً لي من لِسانِكَ جارِحاً

وفي طَرَفِ السيفِ المهَنَّد باتِكُه

تُريدينَ مِنِّي جمع مالي وَمَنْعَهُ

وهل ليَ بعدَ الموتِ ما أنا مالِكُه

إِذا أَدرَكَت خِلّاً مِنَ الدهرِ فاقَةٌ

فما بال جَدْوَى راحتي لا تُدارِكُه


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بقيت مع الحياة ومات شعري

المنشور التالي

ومالئة من سناها العيون

اقرأ أيضاً