بلى جر أذيال الصبا فتصابى

التفعيلة : البحر الطويل

بلى جَرّ أذيالَ الصّبَا فتصابَى

وأوجَفَ خيلاً في الهوَى وركابا

قَصَرْتُ زماني بالشمولِ مُسِنّةً

وبالرّوضِ كهلاً والفتاة كَعابا

وأقصرُ أيام الفتى يومُ لَذّةٍ

صبا ما صبا بالعيش فيه فطابا

لياليَ لا ترمي الرميَّ وإن تُصِبْ

بسهمك خوداً فالشبابُ أصابا

وعصبةِ لهوٍ غادروا الهمّ جانباً

فلم يألفوا إلّا السرورَ جَنَابا

يديرونها راحاً كأنّ بكأسِها

إذا لبستْ درعَ الحَباب حُبابا

تنَافِرُ لمسَ الماءِ وهو يَرُوضُها

كما تَفْرَكُ البكرُ الفَرُوقُ لُعابا

فاحْبِبْ بذاك العَيشِ عيشاً ذكرتُهُ

وبالعصرِ عصراً والصحابِ صحابا

وليلٍ تخوضُ النيّرات ظلامهُ

كأوْجُهِ غَرْقَى يَفْترِقْنَ عُبابا

سريتُ بمحبوك مِنَ القُبِّ كلَّما

دعا شأوَه وهيُ العِنَانِ أجابا

من الجِنِّ فاسْمُ اللّه إما وَضَعْتَهُ

مكانَ قطيعٍ طار عنك وغابا

ترَى ضَحِكَ الإصباحِ فوق جبينهِ

وَقُمّصَ من ليلِ المُحَاقِ إهابا

تخالُ الثريّا رأسَهُ وهو مُلْجَمٌ

إذا الجريُ لم يُلبِسْ طُلاه سِخابا

يحرّفُ بالتأليل أذناً كأنّما

ترى قلماً منها يخطّ كتابا

سما الدّرُّ في أرساغِهِ عن زَبَرْجَدٍ

يغادرُ بالوطءِ الصخورَ ترابا

هو الطِّرفُ فاركبْ منه في ظهرِ طائرٍ

تَنَلْ كلّ ما أعيا عليكَ طلابا

إلى قمرٍ تسري إليه كأنّما

عليه سماءُ اللّه تُغلِقُ بابا

كأنِّيَ سرٌّ في حشا الليلِ داخلٌ

على حَبّةِ القلبِ المصونِ حجابا

فبتُّ مُرَوّىً من مجاجة باردٍ

غذا ذكرُهُ قَلْبَ الغيورِ فَذابا

كأنّ قطافَ اللثم من ثَغْرِ رَوْضِهِ

تَكَسّبَ من طَلّ الغمامِ رضابا

ولم أرَ كالدّنْيا خؤوناً لصاحبٍ

ولا كُمصابي بالشبابِ مُصَابا

فَقَدْتُ الصّبا فابيضّ مُسْوَدّ لمّتي

كأنّ الصّبا للشيب كان خضابا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أمطتك همتك الغريمة فاركب

المنشور التالي

ما زلت أشرب كأسه من كفه

اقرأ أيضاً