أما وسيفك في النفوس محكم

التفعيلة : البحر الكامل

أَمّا وَسَيفُكَ في النُفوسِ مُحَكَّمُ

فَالعِزُّ أَجمَعُهُ إِلَيكَ مُسَلَّمُ

مَن لا يُطيعُكَ وَالمَقاديرُ الَّتي

تُرضي وَتُجدي بَعضُ ما يَستَخدِمُ

فَلِكُلِّ قَلبٍ مِن سُطاكَ مُرَوَّعٌ

وَبِكُلِّ وَجهٍ مِن جَميلِكَ ميسَمُ

عُوِّدتَ فَصلَ الأَمرِ أَشكَلَ ناطِقاً

أَو ساكِتاً فَالسَيفُ عَنكَ مُتَرجِمُ

وَخُصِصتَ بِالإِبداعِ في فَعَلاتِكَ ال

حُسنى لِيَظهَرَ عَجزُ مَن يَتَهَمَّمُ

وَمَتى يَجيءُ بِمِثلِها مِن نَفسِهِ

مَن ظَلَّ يُبصِرُها فَلا يَتَعَلَّمُ

لَو لَم يَعِزَّ بَنو أَبيكَ وَيَكرُموا

طالوا الوَرى شَرَفاً بِأَنَّكَ مِنهُمُ

أَبشِر بِسَبقِكَ مَن تَقَدَّمَ موقِناً

أَنَّ الفَضائِل لا العُصورَ تُقَدِّمُ

كُنّا نَظُنُّكَ تابِعاً آثارَهُم

فَأَبَنتَ بِالإِعجازِ أَنَّكَ مُلهَمُ

وَلَقَد سَمِعتَ كَما سَمِعنا عَنهُمُ

وَعَلِمتَ بِالإِحسانِ ما لَم يَعلَموا

أَفَهَل ظَفِرتَ بِمَن جَرى في ذا المَدى

مُذ قامَ بِالإِحسانِ فيهِم قَيِّمُ

قَلبُ الهُدى بِكَ لَن يُراعَ وَقَهرُهُ

لَن يُستَطاعَ وَقدُهُ لا يُفصَمُ

لِلَّهِ بَذلُكَ حينَ لا مُستَمنَحٌ

يُرجى وَمَنعُكَ حينَ لا مُستَعصَمُ

لَن يَكشِفَ الحَقُّ الجَلِيُّ لِثامَهُ

إِلّا وَوَجهُكَ بِالعَجاجِ مُلَثَّمُ

وَإِذا عَزَمتَ عَلى اِجتِياحِ قَبيلَةٍ

كَثُرَ اليَتيمُ بِحَيِّها وَالأَيِّمُ

يَخشى عَوادِيَكَ الهِزَبرُ بِغيلِهِ

وَيَخافُها تَحتَ التُرابِ الأَرقَمُ

وَتُصيبُ شاكِلَةَ الرَمِيِّ مُفَوِّقاً

وَتَطيشُ عَنكَ إِذا رُميتَ الأَسهُمُ

إِنَّ المُظَفَّرَ مَن أَبَت فَتَكاتُهُ

أَن تَخرُجَ الأَيّامُ عَمّا يَرسُمُ

في كُلِّ يَومٍ ناطِقٌ بِلِسانِهِم

مِن خَوفِهِم فَلِذاكَ ما يَستَعجِمُ

وَإِذا اِمتَطى سَيفُ الخِلافَةِ عَزمَهُ

فَلِدَولَةٍ تُبنى وَأُخرى تُهدَمُ

وَإِذا نَظَرتَ إِلى عَواقِبِ رَأيِهِ

أَيقَنتَ أَنَّ ظُنونَهُ تَتَنَجَّمُ

فَاِسأَلهُ عَمّا لَم يَكُن بِكِنايَةٍ

فَالغَيبُ مِن أَفكارِهِ يُستَعلَمُ

وَلِذاكَ حُقِّقَ ظَنُّهُ فيما أَتى

وَظُنونُ أَهلِ الخافِقينَ تَوَهُّمُ

رَقّاكَ عَزمُكَ مُخطِراً لا يُرتَقى

فَعَلِمتَ مِن ذا المَجدِ ما لا يُعلَمُ

وَإِذا عَلا باغي الغَنيمَةِ هِمَّةً

وَأَطاعَهُ المِقدارُ جَلَّ المَغنَمُ

شَرَفَ المَعالي فُزتَ بِالشَرَفِ الَّذي

قَد باتَ يَحسُدُهُ السُهى وَالمِزرَمُ

وَقَتَلتَ مَن لَو غَيرُكَ المُجتاحُهُ

لَأَبَت نِزارٌ أَن يُطَلَّ لَهُ دَمُ

وَجَنَيتَ أَثمارَ العَوالي وَاِجتَنى

وَمِنَ الجَنا أَريٌ وَمِنهُ عَلقَمُ

وَإِذا الوَغى عَبَسَت وَطالَ عُبوسُها

عِندَ النِزالِ فَعَن فُتوحِكَ تَبسِمُ

ظَفَرٌ جَميعُ الطيبِ أَضحى كاسِداً

مُذ أَصبَحَت أَخبارُهُ تُتَنَسَّمُ

وَلَقَد تَحَقَّقَتِ العَواصِمُ أَنَّها

بِسِواكَ يا سَيفَ الهُدى ما تُعصَمُ

غَرَضَ النَوائِبِ لَم تَزَل فَمَنَعتَها

قَسراً كَما مَنَعَ العَرينَ الضَيغَمُ

ما زُرتَها إِلّا لِيَأمَنَ خائِفٌ

وَيُغاثَ مَلهوفٌ وَيُثرِيَ مُعدِمُ

فَلتَعتَصِم بِكَ ذي الثُغورُ وَأَهلُها

مِمّا تَخافُ فَطَودُ عِزِّكَ أَيهَمُ

وَلَقَد عَمَمتَ المُذنِبينَ صَنائِعاً

حَتّى لَظَنّوا أَنَّهُم لَن يُحرَموا

فَدَعِ الأُلى مَرَقوا فَإِنَّ بِعادَهُم

عَن ذا الجَنابِ لَهُم عِقابٌ مُؤلِمُ

أَولادُ مِرداسٍ لِسَيفِكَ طُعمَةٌ

في كُلِّ أَرضٍ أَنجَدوا أَو أَتهَموا

وَلَوَ اِنَّهُم عَقَلوا لَدَيكَ ظُنونَهُم

لَرَأَوا بِكَ الرَشَدَ الَّذي عَنهُ عَموا

وَمِنَ السَفاهَةِ أَن تَضِلَّ حُلومُهُم

مِن بَعدِ ما وَضَحَ الطَريقُ الأَقوَمُ

قَد عايَنوا عَينَ الرَدى لَمّا رَأَوا

في تَلِّ خالِدٍ القَنا يَتَحَطَّمُ

لَمّا أَبانَ خَليفَةٌ عَن رُشدِهِ

فِعلَ اِمرِئٍ تَزكو لَدَيهِ الأَنعُمُ

في فِتيَةٍ جَعَلوا رِضاكَ سِلاحَهُم

فَلِذاكَ أَحجَمَ مَن لَقوهُ وَأَقدَموا

نُصِرَ القَليلُ عَلى الكَثيرِ فَما اِنجَلَت

عَنهُم وَفي أَرماحِ حِزبِكَ لَهذَمُ

غارَت هُنالِكَ في النَواظِرِ وَالطُلى

عِندَ الطِعانِ كَما تَغورُ الأَنجُمُ

فَإِذا بَعَثتَ إِلى العَدُوِّ طَليعَةً

أَغنَت غَناءَ الجَيشِ وَهوَ عَرَمرَمُ

بِظُبىً إِذا خَرِسَ الكُماةُ بِمَوقِفٍ

فَلَها كَلامٌ في الجَماجِمِ يُفهَمُ

وَبِها نَحَت جِسرَ الحَديدِ عَصائِبٌ

كانَت عَلى بابِ الحَديدِ تُخَيِّمُ

وَالرومُ بَينَ مُؤَرَّقٍ سُلِبَ الكَرى

أَو نائِمٍ بِهُجومِ جَيشِكَ يَحلُمُ

يَتَجَلَّدونَ ضَرورَةً مَعَ عامِهِم

لَمّا دَنَوتَ بِأَيِّ داهِيَةٍ رُموا

مُتَمَسِّكينَ بِهُدنَةٍ ما تَنقَضي

إِلّا وَأَنتَ عَلى الخَليجِ مُخَيِّمُ

وَمَتى رَكَزتَ بِدارِ مَسلَمَةَ القَنا

زُرقَ الأَسِنَّةِ سَلَّموا أَو أَسلَموا

فَليَستَكِن مَلِكٌ تَفُلُّ جَميعَهُ

بِعِصابَةٍ مِمّا فَلَلتَ وَتَهزِمُ

هَيهاتَ تَجحَدُكَ المُلوكُ سَفاهَةً

ما قَد تَعالَمَهُ السَوادُ الأَعظَمُ

رِدءُ الخِلافَةِ مِن مَضائِكَ عاصِمٌ

وَرِداؤُها بِجَميلِ صُنعِكَ مُعلَمُ

مَجدٌ تَخَرَّمَتِ العَمالِقُ دونَهُ

وَتَمَزَّقَت عادٌ وَبادَت جُرهُمُ

في كُلِّ يَومٍ بَلدَةٌ تُحتازُ مِن

أَرضِ العَدُوِّ وَقَلعَةٌ تُتَسَلَّمُ

وَكَذا إِلى أَن تَملِكَ الدُنيا بِما

جَمَعَت وَيُسعِدَكَ البَقاءُ الأَدوَمُ

فَاِندُب لِمَملَكَةِ العِراقِ ضَراغِماً

عَلَّمتَهُم فَرسَ العِدى فَتَعَلَّموا

مِن كُلِّ مَن لِسُراهُ ظَهرُ مَطِيَّةٍ

وَلِطَعنِهِ ثُغَرَ العُداةِ مُطَهَّمُ

جَنّابُ ما وَلَدَ الوَجيهُ وَلاحِقٌ

رَكّابُ ما وَلَدَ الجَديلُ وَشَدقَمُ

كَيما تُرى عَضُدِيَّةً تُركِيَّةً

قَد طالَما اِستَولَت عَلَيها الدَيلَمُ

قَد آنَ أَن تَروى بِقُربِكَ أَنفُسٌ

ظَمِئَت وَأَن تَحيا بِعَدلِكَ أَعظُمُ

لَن يَدفَعَ الإِصباحَ عَن إِشراقِهِ

مِن بَعدِ مَطلَعِهِ الهَزيعُ المُظلِمُ

رُم أَيَّ مَملَكَةٍ أَرَدتَ فَإِنَّما

حَلَبٌ إِلى كُلِّ المَمالِكِ سُلَّمُ

وَبِصَدرِكَ القَلبُ الَّذي لَمّا يُرَع

وَبِكَفِّكَ العَضبُ الَّذي لا يَكهَمُ

وَاِرجِع رُجوعَ اللَيثِ وَهوَ مُظَفَّرٌ

وَالسَيفُ يَقطُرُ مِن غِرارَيهِ الدَمُ

مُتَجَلبِبَ النَصرِ الَّذي عُوِّدتَهُ

إِذ كانَ خَلفَكَ حَيثُما تَتَيَمَّمُ

فَدِمَشقُ مِثلُ الغابِ هِزبَرُهُ

وَالجَفنُ فارَقَهُ الحُسامُ المِخذَمُ

وَبِأَهلِها عَطَشٌ إِلَيكَ وَكُلُّهُم

كَالنَبتِ نَكَّبَهُ السَحابُ المُرزِمُ

وَسَيَقدَمُ العِزُّ الأَشَمُّ عَلَيهِمُ

وَالعارِضُ السَحّاحُ ساعَةَ تَقدَمُ

شَعبانُ شَعَّبَ يَومَهُم فَليَرقَبوا

إِنَّ المُحَرَّمَ لِلسُهادِ مُحَرِّمُ

عامٌ حُلولُكَ فيهِمُ بِحُلولِهِ

عامٌ يُبَجَّلُ عِندَهُم وَيُعَظَّمُ

يا غامِرَ المُتَظَلِّمينَ بِعَدلِهِ

حَتّامَ مالُكَ في اللُهى يَتَظَلَّمُ

أَنتَ الَّذي لَو لَم تُطِع حُكمَ النَدى

ما كانَ مَخلوقٌ عَلَيهِ يَحكُمُ

يَغنى الَّذي تَحبوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ

وَسِواكَ يَنقُصُ نَيلَهُ فَيُتَمَّمُ

فَالجودُ إِلّا مِن يَدَيكَ مُصَرَّدٌ

وَالظَنُّ إِلّا في نَداكَ مُرَجَّمُ

قُل لِلعُفاةِ مَضى عَنِ البَحرِ القَذى

فَرِدوا مَشارِعَهُ وَلا تَتَلَوَّموا

إِنَّ المَكارِمَ أَفرَقَت مِن دائِها

مُذ أَفرَقَ المَلِكُ الأَجَلُّ الأَعظَمُ

فَلتَبرُدِ الآنَ القُلوبُ فَإِنَّها

كانَت بِنيرانِ الأَسى تَتَضَرَّمُ

لا عادَكَ الأَلَمُ المُلِمُّ فَلَم يَزَل

قَلبُ العَلاءِ لِأَجلِهِ يَتَأَلَّمُ

وَالعيدُ يَقصُرُ عَن سَلامَتِكَ الَّتي

هِيَ في النُفوسِ أَجَلُّ مِنهُ وَأَعظَمُ

فَاِسعَد بِها وَبِهِ وَدُمتَ مُسَلَّما

ما طافَ بِالبَيتِ المُحَرَّمِ مُحرِمُ

فَلِكَثرَةِ الدَعَواتِ في أَرجائِهِ

قَد كادَ يَفهَمُها الحَطيمُ وَزَمزَمُ

كُلُّ الوَرى داعٍ وَجُلُّ دُعائِهِم

أَلّا يُزيلَ اللَهُ ظِلَّكَ عَنهُمُ

أَغنى نَوالُكَ بَعضَهُم عَن بَعضِهِم

كَي لا يُرى في الأَرضِ غَيرَكَ مُنعِمُ

فَلِذاكَ أَلسُنُهُم لِسانٌ واحِدٌ

يُثني بِما خَوَّلتَ وَالدُنيا فَمُ

زادَ الثَناءُ بِمَأثُراتِكَ بَهجَةً

وَلَرَبَّما زانَ السِوارَ المِعصَمُ

وَأَطاعَني فيكَ الكَلامُ وَهَل دَرَت

هَذي العُقودُ لِأَيِّ شَيءٍ تُنظَمُ

وَلَقَد تَعَمَّدتُ الإِطالَةَ عالِماً

أَنَّ اِستِماعَ ثَناكَ مالا يُسأَمُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أرى الشرف الأعلى إليك مسلما

المنشور التالي

تفردت بالمجد دون الأمم

اقرأ أيضاً