تَخَيَّرتُهُ مِن رَهطِ أَعوَجَ سابِحاً
أَغَرَّ كَريمَ الوالِدَينِ نَجيبا
خَفيفاً وَلَم يَحلُم بِسَوطٍ كَأَنَّما
يَفوتُ عَدُوّاً أَو يَؤُمُّ حَبيبا
سَرى وَاِنتَمى بَرقٌ بِذي الأَثلِ لَيلَةً
فَباتَ بِها هَذا لِذاكَ نَسيبا
وَحَنَّ إِلى سَفَرٍ فَطارَ إِلى السُرى
يَخوضُ خَليجاً أَو يَجوبُ كَثيبا
يَؤُمُّ بِها أَرضاً عَلَيَّ كَريمَةً
وَمُرتَبَعاً فيها إِلَيَّ حَبيبا
وَنَهراً كَما اِبيَضَّ المُقَبِّلُ سَلسَلاً
وَجِزعاً كَما اِخضَرَّ العِذارُ خَصيبا
وَرُبَّ نَسيمٍ مَرَّ بي وَهوَ عاطِرٌ
رَقيقُ الحَواشي لايُحَسُّ دَبيبا
وَجَدتُ بِهِ مِن ذَلِكَ الماءِ بَلَّةً
وَمِن نورِ هاتيكَ الأَباطِحِ طيبا
فَصافَحتُ رَيعانَ النَسيمِ تَشَوُّقاً
إِلَيها وَلازَمتُ القَضيبَ رَطيبا
وَقَد قَلَّدَ النُوّارُ جيداً لِرَبوَةٍ
هُناكَ وَنحراً لِلفَضاءِ رَحيبا
وَأَفصَحَتِ الوَرقاءُ في كُلِّ تَلعَةٍ
نَشيداً وَقَد رَقَّ النَسيمُ نَسيبا
وَكانَ عَلى عَهدِ الشَبابِ تَغَنِّياً
يَشوقُ أَخا وَجدٍ فَعادَ نَحيبا
دَعا لِغُروبِ الدَمعِ وَالدارُ غُربَةٌ
فَلَم أَرَ إِلّا داعِياً وَمُجيبا