أما إنه لولا الخيال المعاود

التفعيلة : البحر الطويل

أما إنه لولا الخيالُ المعاوِدُ

لأقْلعَ مشتاقٌ وأقصرَ واجدُ

ألمْ وقلبُ البرقِ في الجوّ خافقٌ

حَذاراً وطرفُ النجمِ في الأفْقِ شاهدُ

وفي جيدِ زنجيِّ الدجى من خلاله

وأنجمُهُ طوقٌ له وقلائدُ

فلا وجدَ إلا وهو عندي مخيّمٌ

ولا صبْرَ إلا وهْو عنيَ شاردُ

ولو علمتُ أنّ الخيالَ يزورُني

لجادتْ به عن ناظريّ الولائدُ

فليتَ الغواني منْ قتلْنَ يعُدْنَهُ

وليس لمقتولِ الصبابةِ عائدُ

عسى جُمَلُ المشتاقِ تجمُلُ في الهوى

فيقرُبُ منه أو سعادُ تُساعد

ويومَ شربنا فيه كاساتِ فرقةٍ

يغصُّ بها صبُّ وينعُمُ حاسدُ

عشيةَ صادَتْنا ظباءٌ نوافرٌ

وأعجبُ شيءٍ نافراتٌ صوائد

وفي كنَسِ الأحداج جؤذَرُ كلَّةٍ

تقاربُه عشّاقُهُ وتُباعِدُ

لئن عمّرت منه القلوبُ علاقةً

لقد أقفرتْ بالرُغْمِ منه المعاهدُ

ومن لأسير الحب منهُ بعطفَةٍ

تخفّفُ عنه في الهوى ما يكابدُ

شكا ظمأ ترويهِ والموتُ دونَه

لمى عذُبَتْ منه المراشفُ باردُ

وهل يُبرد الصادي حرارةَ جوفِه

إذا كان ما بين الشفاهِ المواردُ

فطوراً نرى منه الجفونَ وتارةً

تُطاعنُه تلك الثُّديُّ النواهدُ

فكم من قتيلٍ قُدْنَه لمَنُونِه

وليس له من مذهبِ الحبِّ قائدُ

سقَتْهم وإن ضنّوا عليّ بوقْفةٍ

سقاني فيها البارقاتُ الرواعِدُ

ولا نزلوا إلا حدائقَ تلتقي

توائمٌ من النوّارِ فيها وفاردُ

كأنّ الأثيرَ المُستَماحَ أعارَها

شمائلَهُ فالطيْبُ منها يُعاود

هُمامٌ يردُّ الجيشَ وهوَ عرَمْرَمٌ

بنجدته يوم الوغى وهو واحد

إذا ما تشكّى السيفُ في كفِّه الظَما

أتاحَ له ماءَ الطِلى فهوَ وارِدُ

من القومِ ما غيرُ السيوفِ مخاصِرٌ

لديهمْ وما غيرُ الدورعِ مُجاسِدُ

إذا عقَلوا الخطيّةُ السُمرَ خلتَهم

أُسوداً بأيديهمْ هناك أساوِدُ

وإن ركعتْ بيضُ الظُبى في أكفّهمْ

بحَرْب فهاماتُ الأعادي سواجِدُ

غُيوثٌ لُيوثٌ نائلاً وشجاعةً

إذا أجدبَ المَرعى وصالَ المُعاند

تميمٌ به حازتْ تماماً فذكرُها

وإن درجتْ في جبهةِ الدهرِ خالدُ

يريكَ بهاءً في ذكاءٍ كأنّما

تجمعُ فيه المشتري وعُطاردُ

فتى للكبير ابنٌ مُبرُّ وللفَتى

أخٌ لا يُداجيه وللطفْل والدُ

لقد علّم الأقوامَ شرقاً ومغرباً

قريبُهُمُ والنازحُ المتباعدُ

بأنك بذّالُ العوارفِ حافظُ ال

معارفِ دفّاعُ المخاوفِ ماجدُ

وأنك أهدى والبصائرُ ضلّةٌ

وأندى وأخلافُ السَحابِ جَوامد

وأوفى ذماماً والحقوقُ مُضاعةٌ

وأعْفى وأحناءُ الضُلوعِ حَواقِدُ

هنيئاً مريئاً بالصيامِ وفضلِه

فكلّكما وقْفٌ عليه المحامدُ

بوجهكَ آفاقُ الكمالِ منيرةٌ

لنا وبه فينا تضيءُ المساجد

وأيامُه في لُبِّه العامِ سَمْطُها

وفعلُك في جيد الزمانِ فرائد

بقيتَ وكفّيْتَ المُنى في محمدٍ

ففي وجهِه للسؤدِد الفردِ شاهد

وهل نال أسباب العُلا مثلُ راحةٍ

لها عضُدٌ في المكرُمات وساعدُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

كأن دارين لها دار

المنشور التالي

أروه الجلنار من الخدود

اقرأ أيضاً