كأن دارين لها دار

التفعيلة : البحر السريع

كأنّ دارين لها دارُ

فروضها المِعطالُ معطارُ

تحملُ عنه نفحاتُ الصَبا

نشراً به للصبِّ إنشارُ

فكلما استنشقتَهُ شاقَه

لنازحِ الأوطانِ أوطارُ

تلك شِفاءُ الوجدِ لو أنهم

صاروا بها من بعد ما ساروا

علّقْتُ قلبي بذِمامِ الهوى

وهْو خفير منه إخفارُ

وكان قلباً فغدا طائراً

له من الأكوارِ أوكارُ

في سُندسِ الكَلّة حوريّةٌ

تسكنُ قلبي وهو النار

أحدقتِ الشمسُ بها مثلَ ما

تحدِقُ بالمُقلةِ أشْفارُ

يا كوكباً يمنعُ أن يُجتلَى

غيثُ مَهىً أوطَفُ مِدرارُ

ودرّةً يحجُبُ عن نيلها

بحرُ وغًى بالبأسِ زخّارُ

أغريتِ بي الوجدَ وغررتِ بي

إنّ الغريرَ الطرْفِ غرّار

لا تحسَبي أن ثرت فتاكة

كلُّ قتيلٍ ما لهُ ثارُ

جورُكِ يمضي فيّ لو لم يكن

من أحمدَ المختارِ لي جارُ

حِبْرٌ له خُطَّ يَراعٌ به

يراعُ خطّيٍّ وخطّار

يبسِمُ منه الطرفُ عن سؤدد

ضاحكَ فيه النورَ أنوارُ

دوحٌ من المُعْجِزِ لا يجتَني

منهُ بغير السَمْعِ أثمارُ

لفظٌ عَوانٌ بين أحشائه

من المعاني العُقْم أبكارُ

يَبيتُ ساري النّهْجِ في فِكرها

رهنَ ضلالٍ وهْي إقْمارُ

حظُّ الموالي والمَعادي به

نفعٌ كما شاءت وإضرار

يرجو ويخشى حالتَيْها الوَرى

كأنها الجنّةُ والنارُ

وراحةٍ دينارُها درهمٌ

ودرهمُ الباخلِ دينارُ

لا يُمتَرى في أنها تمترى

أخلافَ نُعماها وتُمْتارُ

شادَ بها ربعُ الندى بعدما

أرداهُ إعصار وإعصار

ومنظرٌ عزّ نظيرٌ له

والناسُ أشكال وأنظارُ

في صفحتيهِ لمياهِ الحَيا

مُطّرِدَ الإجراءِ تيّار

للبِشْرِ برقٌ بين أرجائه

وللندى الفائضِ أمطارُ

وليس يُجدي الأثْرُ في صارمٍ

ما لِشَبا حدّيْهِ آثارُ

يا بنَ الألى طابتْ أحاديثُهُم

على التَمادي فهْي أسْمار

خذ مِدَحاً سحرُ بلاغاتِها

في سُدَف الأشعارِ أسحارُ

قصائدٌ أرسلَها خاطرٌ

في سُبُلِ الإحسانِ خطّارُ

تثني البلاغاتُ بمنطوقها

مستعبداتٍ وهْي أحرار

أغليتُها بَذْلاً وأعليتُها

فضلاً وللأشعارِ أسعارُ

فليَهْنِكَ الشهرُ الأصمّ الذي

أسمعُهُ للمَدْحِ تَكْرار

وليَبْقَ في المجدِ مقيماً فلي

جوّالُ مدحٍ منكَ سيّارُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أهز عطفيك بالأشعار أنظمها

المنشور التالي

أما إنه لولا الخيال المعاود

اقرأ أيضاً

وحليم الشوق مد يدا

وَحَليمِ الشَّوق مدَّ يداً بِزمامٍ مَسَّه سَفَهُ وظلامُ اللَّيلِ معتَكِرٌ وَطَريقُ الحَزْنِ مشتَبِهُ عقَدَتْ بالنَّجمِ صَبوتُهُ ناظِراً يُغفي…