تأمل أبا عبد الإله فإنه

التفعيلة : البحر الطويل

تأمّل أبا عبد الإله فإنه

هو ابنُ فراتٍ شمسُ من يتأمّلُ

علتْ وأضاءتْ للعيونِ وربّما

غدا كلُّ طرْفٍ وهْو عنها مُفَلّلُ

فلا تكن المطروفَ عنها وصادها

تُضِئْ لك والإجمالُ بالمرء أجملُ

أبو حسن ذو الحسنِ والخيرِ منظراً

ومُختبراً أعلى وأسنى وأجْملُ

فما ذنبه في ذاك إن كان ربّه

قضى أنه أعلى وذو الرغم أسفلُ

ولو لم يقلد فيه غيرُ وزيرهِ

وغيرُ ابنه وهْو المرجَّى المؤمَّلُ

ورأيها ما لا يُفيَّل مثله

إذا أخطأ التوفيقَ رأيٌ مُفيَّلُ

إذاً لا عدمتَ الشكَّ والريبَ كلّهُ

فكيفَ ومصباحُ الفراتيِّ مُشعَلُ

وفيه لعينَيْ ناظرٍ متوسَّمٌ

شهودٌ وأعلامٌ من الفضلِ مُثّلُ

وفي ذاك ما جلّى عمايةَ عامهٍ

وقشّعها لكن ليلكَ ألْيلُ

ولو كان ليلاً واحداً زال ظلُّه

ولكنه ليلٌ بليلٍ مُجلَّلُ

دجا ليلُ نحسٍ في سرارٍ وأطبقتْ

عليه السواري فهو أسود أطولُ

وما زلتَ ذا ظلمٍ قديمٍ وظلمةٍ

من الجهلِ تخفى عنك أنك تجهلُ

فلا تجرحنّ القولَ فيك فإنه

وإن لم يكن عدلاً عليك مُعدّلُ

وحسبُك جهلاً أن سعيت مشمّراً

لتجتثَّ أصلا تحته تتظلّلُ

سعيتَ بمن أحياك من بعد ميتةٍ

وأدّى وفاءً ما وفاه السّموألُ

وفي بغيك البادي عليك شهادةٌ

بأنك مطروقُ الدماغِ مُخبّلُ

ولم أرَ ما تعتدُّه من ذنوبهِ

سوى أن أبى تبديلَ ما لا يبدّلُ

أكلَّفتَه هضمَ الخراجِ وحَطْمه

لك الفيءَ عدواناً وأنت مؤمَّلُ

فلما أبى قلتَ القبيحَ ولم تزل

تُبخّل ذا الإنصافِ قِدماً وتبخلُ

وقال فقال الحق دافع لومه

ببيّنةٍ إذْ لم تزلْ تتقوّلُ

وكم حاجةٍ مقرونةٍ بخيانةٍ

أباها وإن سيءَ امرؤٌ متذللُ

وكم حاجةٍ مستحسنٍ حملُ ثقلها

تحمّلَ منها فوق ما يُتحمّلُ

وليس على مال الخليفةِ محملٌ

لبُطلٍ وفيه للحقائق محملُ

أمينٌ على مال الملوك كأنه

حِذاراً ونصحاً حيةٌ يتقلْقَلُ

ينالُ بكُنهِ اللوم كلَّ مخفَّفٍ

عن الناس والسلطانُ بالحقّ مثقَلُ

يبيتُ إلى أن يجمع الفيءَ كلَّه

أخا فِكَرٍ مما به يتململُ

وهل حقُّ سلطانٍ يطالبُ أهله

أبو القاسم المحتاطُ إلا مُحَصَّلُ

ومن عتبك الغثِ الذي قد عتبته

على ابن فرات موضعٌ ليسَ يُعقلُ

فما صُنعُ عبدٍ في قضاء مليكهِ

وتقديرهِ وهْو المدينُ المحوَّلُ

ولا بِدْعَ أن ضمّ الوزيرُ كُفاتَه

إليه وألغى اللغو والرَّذْلُ يُرذلُ

رآك وقوماً أشبهوكَ نفايةً

إماطتُها عند الأماثل أمثلُ

وهل ساقطٌ وافتْهُ دولةُ حكمه

وحفظٌ على السلطان إلا مبطَّلُ

وهل وثنٌ بعد النبي محمدٍ

وبعد كتاب الله إلا مُعطَّلُ

فلا تُلحمنّ الشعر عِرضك إنه

حريقُ هجاء نارهُ تتأكّلُ

ولا تُهدفِ الإقْذاع سمعَك إنه

وجدِّك لا تُبلى عليك المفضّلُ

وقد قُرعت من ذي أناملك العصا

وإن راب ريبٌ بعدها سُلَّ معولُ

وإن أنت لم تردَعك رادعة النُّهى

فعنديَ مشحوذ الغِرارَينِ مقصلُ

وإني لذو نظمٍ ونثرٍ كأنني

بحدّيهما رمحٌ مُزَجٌّ مُنَصَّلُ

وإن رمتَ من يُعنى به الحقّ والهوى

فإنك مخسوفٌ به أو مزلزلُ

فلا تلحينّي إن لَحَيتُكَ إنني

بُنصرةِ إخوان الصفاء مُوَكَّلُ

تنمرتُ للأعداء من دون صاحبي

وحاميتُ عن تاجٍ به أتجمّلُ

أَبَيتُ فلا يُرعَى حماه بحضرتي

ولا لحمُه ما عشتُ باللحم يؤكلُ

وهبْتُ له طوعاً حفاظي وإنه

لأوْهبُ مني للحفاظ وأبذلُ

وإني ليحميه لساني وإنه

لأقْول مني في الخطوبِ وأفعلُ

وما حمسي من دونه أن رأيتني

وإياه في الهيجاء أمضي وينكُلُ

ولكنه فرضٌ يؤدَّى إلى العلا

ونافلة من بعده تُتَنَفَّلُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

إذا ما جلته الحرب أعرض رمحه

المنشور التالي

يا من سكون النفس في تأميله

اقرأ أيضاً