خبا نَحْسٌ وأعقب منه سعْدُ
ولاح لطالبي المعروف قَصْدُ
ورُدَّتْ كُلُّ صالحةٍ عليهمْ
وكانتْ قبل ذلك تُسْتردُّ
بأبيضَ من بني شيبان خِرْقٍ
رفيع البيتِ قد علمتْ مَعَدُّ
لِمَصْقلَة الذي أسْدى وأَيدَى
أيادٍ في المعاشر لا تٌعَدُ
هُبَيْريٍّ أطاب الله منه
وحَسَّنَ منه ما يَخْفَى ويَبْدو
نظيفِ السِّرِّ عَفٍّ حين يخلُو
جميلِ الجهْرِ حُلْوٍ حين يبْدو
كأنَّ الله خيّرهُ السجايا
فكان من الرجال كما يَوَدُّ
له خُلُقان من بأْسٍ وجودٍ
يسوس كليهما الرأْيُ الأَسَدُّ
هما قَدَران من رزقٍ وموْتٍ
إذا عزما فما لهما مَرَدُّ
يُنادى باسْمه غيثٌ وليْثٌ
هِزبرٌ يفْرسُ القَصرات وَرْدُ
هو الخَصْم الألدُّ لكلِّ ضِدٍّ
من الأضْداد والقِرْن الأعَدُّ
أعدَّتْه بنو العباس ذُخراً
كَهَمِّك ذلك الذخر المُعَدُّ
سلاحُهُمُ الأحدُّ إذا تصدَّى
لهم باغ وركنهمُ الأشدُّ
أبٌ لرعية السلطان بَرٌّ
معاشُ الناس في كنفَيْه رغدُ
كَفى فَقْدَ الكُفاة مخلَّفيهمْ
فليس يُحَسُّ للمفقود فقْدُ
ومهَّدَ للجُنوب بخير كفٍّ
مَضاجعَها فكلُّ الأرض مَهْدُ
غدا سَبْطَ البنان بكل عُرْف
ثَرى العافينَ منه الدهْرَ جَعْدُ
يَحُلُّ عليه بالرغبات وفْدٌ
ويرحل بالرغائب عنه وفْدُ
وُفُودٌ لا يزال لهمْ إليه
على أنضائهم عَنَقٌ وَوَخْدُ
بهادٍ من ثناء الناس طُرَّاً
وحادٍ من رجاء القوم يحدو
بلوتُ له خلائقَ ليس فيها
سوى ما سامني خللٌ يُسَدُّ
فتىً سهُلَت محافرُه لغيري
ومحْفَرُهُ لديَّ الدهْرَ صَلْدُ
خلا وعْدٍ مددتُ إليه عيني
فأَعْرضَ دونه مطْلٌ يُمَدُّ
فمن ذا مُبْلغ إياه عنِّي
عتاباً تحته عَتْبٌ ووجْدُ
فتى شيبان لِمْ أعْمَلْتَ مطْلي
بلا حدٍّ وللأعمار حَدُّ
تُجَدُّ لي المواعدُ كلَّ يوم
إذا أمَّلْتُ عارفةً تُجَدُّ
أكنتَ وعدتني خطأً فأصغى
إلى الإخلاف عَزْمٌ منك عمْدُ
وأنَّي والمكارم باقياتٌ
تروح عليك أْوجُهُها وتغْدُو
وقد حكمتْ بأن الخلْفَ غدْرٌ
كما حكمتْ بأن الوعْدَ عهْدُ
وأنت سَميُّ أصدقِ ذي لسان
فهل بالصدق دونك مُسْتَبَدُّ
ولم تك واعداً خطأً وأنَّى
ومالَكَ غيْرُ بذْلِ العُرفِ وَكْدُ
فتى شيبان لا يشْمتْ بشعري
عدُوُّك غاله عن ذاك لَحْدُ
فتى شيبان لا يفرحْ بعَتْبي
عليك مُنافسٌ لي فيك وغْدُ
أتُسْلمُني وأنتَ أعزُّ جارٍ
لدهرٍ لا يزال عَلَيَّ يعْدو
أتخطِئُني فواضلُكَ اللَّواتي
كَثُرْن فليس يحصيهنَّ عَدُّ
أيصْلَدُ بعد طول القدح زَندي
ولم يصْلَدْ لمن رجَّاك زَنْدُ
أعدْلٌ أن حُرمتُ نداك إلا
حديثاً ليس فيه عَليَّ ردُّ
يُحدِّثني بجودك كلُّ ركْب
وكلُّهُمُ بشعري فيك يشْدو
فيا عجباً مديحي فيك سَرْدٌ
وعُرفك في الأنام سوايَ سرْدُ
صددْتَ وما تقدَّم منك عطفٌ
وليس يكون قبل العطف صدُّ
جَزَرْتَ وما تقدَّم منك مَدٌّ
وقدْماً كان قبل الجزر مَدُّ
أما تأوي لصبر كريم قومٍ
ببابك لا يُثاب ولا يُرَدُّ
يُكَدُّ ولا ينال وكان يرجو
بفضلك أن يُنال ولا يُكَدُّ
أُرفِّهُ ما أرفِّهُ في التقاضي
وليس لديكَ غيْرَ المطْل نقْدُ
إذا إنجازُ وعدك كان وعداً
فيكفيني من الوَعْديْن وَعْدُ
وهبْكَ شفعْتَ لي وعداً بوعدٍ
لتُحْكَمَ مِرَّةٌ ويُشَدَّ عَقْدُ
أليسا كافيَيْن بلى لعمري
وقد يكفي من الزوجين فردُ
أما حسْبُ امْرىءٍ مِنْ وَعْدِ غيْثٍ
بصائب ودْقه برْقٌ ورعْدُ
جَدَاك جداك أوْ يأساً مريحاً
فما بعد الذي أَنظرتُ بعْدُ
تأخَّر من ثوابك ما أرجى
أعيذك أن يكون نداك يأتي
وليس له على الأحشاء بردُ
وذاك بأن تُطيل المطْلَ حتى
يمسَّ النفْسَ منه أذىً وجَهْدُ
هنالك لا يُساعد فيك حمْدٌ
وهل لمُكدِّر المعروف حمْدُ
رأَيتُ الرِّفْد عُرْفاً حين يُعْفَى
به المعْطَى وما للحقِّ جحْدُ
وليس العرفُ عُرْفاً حين يأتي
وحُرُّ القوم ممَّا كَدَّ عَبْدُ
أيرضى أن يكون أخاه مَطْلٌ
فتى أبواه مَكْرُمَةٌ وَمَجْدُ
جَزُوعٌ أن ينال الذمُّ منه
على الإزْراء إلا تلك جَلْدُ
لَحانَ لما غرستُ لديك حَمْلٌ
وآن لما زرعتُ هناك حصْدُ
فلا تُوقع بحرماني اعتذاراً
فإن نداك للمحروم جَدُّ
وليس يَضير من رجَّاك نحْسٌ
وكيف يكون ذاك وأنت سَعْدُ
وقائلةٍ خَرُقْتَ فقلت مهْلاً
فَرُكْنا حلْمه حَضْنٌ ورَقْدُ
أخِلتِ رياحَ جهلي طائرات
بَطوْد لا يُهَزُّ ولا يُهَدُّ
إذا جار العتاب عليه أغْضَى
له جفناً وما غضَّاه ضَهْدُ
ولكن حلْمُ ذي خُلقٍ عظيمٍ
له نحو العُلا والمجْد صمْدُ
تطامن بالتواضع فهْو غوْرٌ
وأشرف بالسيادة فهو نجدُ
مَنَحتُكَها كساقية الندامى
زهاها بينهمْ وجْهٌ وقَدُّ
أتتك مُقرَّةً بالعجْز يحكي
حياءَ ضميرها طرْفٌ وخَدُّ
ولم يقْعُدْ بها في الوصف حشْدٌ
ولكنْ لا ينال نداك حشدُ
تُقَرَّظُ غير أنك لا تُوَفَّى
وتوصَفُ غير أنك لا تُحَدُّ