ولولاك لم تُعدَم دماءٌ ممارةٌ
سُدىً من قتيل طائح وعَقير
إذاً ولَعاق العاملين عن الحيا
عوائقُ بالسلطان ذات ضرير
ولكن نهيتَ السيف عن سَطواته
بيُمنك فارتدَّ ارتداد حسير
وبدَّلتَ خبط العالمين هدايةً
وقد يهتدي أعمى بنور بصير
وما كان إصلاحُ الأمور التي التوتْ
فداويتها من دائها بيسيرِ
ولكنّ من والى الإلهُ مُيسَّر
له بأقلّ السعي كلُّ عسير
ولم تُمتَهن لكنك المرء لم يزل
مُعِدّاً لعِيرٍ تارةً ونفير
فتنفِر في النفّار أيّ محافظ
وتقعد طوراً أيّ حافظ عير
تغيبُ فلا تنفك شُغل مُذاكِرٍ
وتبدو فلا تنفك نُصب مشير
يَهشُّ لذكراك العدو وإنه
ليُضمر في الأحشاء نار سعير
وقد سُئل الحساد عنك بأسرهم
فقالوا وما حابوا بوزن نَقير
مُهذَّبُ أخلاقٍ مشرَّفُ همّةٍ
مثقّفُ آراءٍ مُمرُّ مرير
فأعجِبْ بفضلٍ بان حتى استبانه
من الناس قومٌ في غباءِ حَمير
وأعجبْ بفضلٍ بان حتى عنَتْ له
سِباعٌ من الأعداء ذاتُ زئير
وحتى غدا يُثني به كلُّ كاشح
بقولٍ ويتلو قولَهُ بزفير
أطال عليّ الدهر قومٌ بظلمهم
وكم لك من يوم عليّ قصير
فلو كان لي حقٌّ تريد قضاءَهُ
لأُلفيتَ قد جاوزته بكثير
ولكنّ ما تُسديه فضلٌ منحتَه
وأنت بترك الفضل غير جدير
إذا كنتَ شمساً نورها من طباعها
فكيف بأن نلقاك غيرَ منير
وكنتَ سحاباً ضاق بالماء وُسْعهُ
فكيف بأن نلقاك غير مطير
أبى الله إلا أن تضيء لحائرٍ
وتَندَى لمستسقٍ إباء قدير
شكرتُ ولم أسأل مزيداً فزدتني
دريراً من المعروف بعد درير
نفحتَ بسيل بعد قَطرٍ وللحيا
سيولٌ بعَقْب القطر ذاتُ خرير
مطرتَ وقد أيبستُ حتى بللتني
فعُوديَ ليْن المتن غيرُ هصيرِ
عليه ثمارُ الشكر بين شَكيرِه
فيا حُسنَه حَمْلاً خلال شكير
وقالوا أطلْ في مدحه قلت حسبكم
رِشائي فليس المستقى بقَعير
ألا رُبما قَصَّرتُ في مدح ماجدٍ
وفزتُ بسَجْل من نداه غزير
وما بي غنىً عما لديك ولو غدتْ
مفاتيحُ ما مُلِّكتُ عبءَ بعير
فعِشْ في جوار الله خيرِ مجاوَر
يُجير بك الأحرارَ خيرُ مُجير
يدُ الله من ريب الزمان وقايةٌ
على خطر للمجد فيك خطير
فما لك عيبٌ غير أنك لم تدعْ
أخا كرمٍ جاراك غير بَهير
وأنك مَنْ أصبحتَ يوماً عشيرَهُ
من الناس طُرّاً ذَمَّ كلَّ عشير
مَنحتُكها غرّاء يقطعُ وَخْدُها
نهار أخي لهوٍ وليل سَمير
وإن لم أقرّظْ منك إلا مُقرَّظاً
وإن لم أشِدْ إلا بذكر ذَكير