طيف للمياء ما ينفك يبعث لي

طيفٌ لِلَمياءَ ما ينفكُّ يبعثُ لي

من آخرِ الليل إنْ هوّمت أشجانا

يغري الدموعَ بأجفانٍ مسهّدةٍ

من حيث يُوري عَلى الأحشاء نيرانا

فلم تراني وَأمرُ الليلِ مجتمعٌ

مشتت الرأيِ إثرَ الطيفِ حيرانا

حسبتني مُطْفِلاً قد ضلّ واحدُها

عنها فطبَّقتِ الآفاقَ تحتانا

قد كان صبري وَفياً إنْ فزعت له

عند الشدائدِ لكنْ في الهوى خانا

فما انتفاعي به إنْ عزّ نائلُه

عند التي كلُّ شيءٍ دونها هانا

يا أَنَّةً عند إدبارِ النجوم حدتْ

من المدامعِ ثجَّاجاً وَهتّانا

مرَّتْ عَلى سمعِ (لمياء) لتشفع لي

وَلو تمرُّ على قاسي الصفا لانا

أكاد أقضي جوى والدارُ جامعةٌ

فكيف حالي إذا وَقت النوى حانا

وَليلةٍ من ليالي الوصلِ صالحةٍ

عَفَّتْ ضمائرُنا فيها وَنجوانا

بتنا عَلى السفح والظلماءُ ضاربةٌ

على التلاعِ أطانيباً وَأركانا

لولا بريقُ الثنايا ما اهتديت إلى

مواردٍ نقعتْ بالرشف هيمانا

ترثي لشكواي إذ أرثي لشكوتِها

والنجمُ من فوقنا يرثي لشكوانا

ما راعني غير أناتٍ إذا انفصلتْ

من قلبها وَصلتْ بالقلب أحزانا

حاولتُ أكشف من غمّائِها ظللاً

تذيقها غصص الأشجان ألوانا

فلم أدعْ رقْيةً أو عوذةً رويتْ

إلاّ وَعوّذتها سرّاً وإعلانا

فبعد لأيٍ بدا لي أنَّ ما منيتْ

به تذكرها أهلاً وأوطانا

تذكرتْ قومَها أبناءَ يعرب إذْ

كانوا أعزَّ ملوكِ الأرضِ سلطانا

سادوا الممالكَ من هندٍ لأندلسٍ

محكّمين بها عدلاً وإحسانا

فرقرقتْ أدمعاً أضحى بصيِّبها

روضُ الأمانيِّ بعد الجدْبِ فيْنانا

قالتْ عهدت الأُولى تنمي أُصولهمُ

إلى الذوائبِ من قيسٍ وَقحطانا

من كلِّ أشوس منّاعٍ لِحَوْزَتِه

لا يستنيم لضيْمٍ حيثما كانا

نحيزةٌ بهمُ من عهدِ (يعرب) أنْ

يأبوا على الذلَّ إخلاداً وأركانا

فما لهم لا أفال اللهُ رأيهمُ

يشذّ بعضهم بالرأي أحيانا

فأبلغِ القومَ عن لمياءَ مألكةً

سارتْ بها الناسُ ركبانا فركبانا

ما حُررِتْ من قيودِ التركِ أنفُسنا

حتى نكونَ لغيرِ التركِ عبدانا

تأبى دماءٌ زكيات لقد سفكتْ

وأنفسٌ بالحمى زايلن أبدانا

وَمن لنيلِ العلى في كلِّ ملحمةٍ

توافدوا للردى شيباً وشبانا

أنْ يستباحَ ذراعٌ من مواطننا

في سهلِ سيناءَ أو في حَزْنِ لبنانا

وَمن يك الدَمُ لاستقلالهِ ثمناً

فلن يلاقيَ بعد الربْح خسرانا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

مالي أرى القوم بعد الحزن في طرب

المنشور التالي

ألا كل مجد عرضة للتهدم

اقرأ أيضاً