لمن وبمن عسى يرجى العزاء

لمنْ وَبمنْ عسى يُرجى العزاءُ

جميع العربِ في البلوى سواءُ

رزئنا فيصلاً فرداً كجيلٍ

تواتيه الكفاءَةُ والغناءُ

طواه الدهرُ تاريخاً مجيداً

لشعبٍ صحفُه غرٌّ وِضاءُ

أَهابَ بقومِه والليلُ داجٍ

فضاءَ لهم كما ضاءَتْ ذكاءُ

وشبَّ الثورَةَ الأُولى فأَذكى

نفوساً كاد يدركها انطفاءُ

فعلَّمنا جزاه اللهُ خيراً

طريقتَها إذا طَفَحَ الإِناءُ

وَما دامتْ نفوسُ القومِ يوماً

تثورُ فلا يزال لهمْ رجاءُ

بصيرٌ بالسياسةِ ذو وفاءٍ

وهيهاتَ السياسة والوفاءُ

أَفاضَ عَلَى أَمانينا حياةً

فكيف تظنُّ يدركه الفناءُ

أتعلمُ قبل منعاه نعيّاً

تضجُّ الأرضُ منه والسماءُ

أَما اشتركتْ بمأْتمِه البرايا

وَغصَّ البحرُ وازدحم الفضاءُ

وَكان النعشُ للمعراج ذكرى

رأتها حين حلَّق إِيلياءُ

تولّيناه لا نبغي بديلاً

به فجرى بما نأْبى القضاءُ

فجربنا عَلَى كرهٍ سواه

فلم نفلحْ وَتمَّ له الولاءُ

برمنا بالروايةِ حين طالتْ

فصولٌ كلُّ ما فيها هراءُ

مناظرُ سمجةٌ وَسخيفُ لغوٍ

فقلْ أَينَ التصاممُ والعماءُ

فقدْنا الجدَّ بل والهزلَ فيها

وَأشخاصُ الروايةِ أَغبياءُ

فما بال الذي أَعطى طِلاءَ

يمنُّ به وَقد نَصَلَ الطلاءُ

وَمجملُ ما لنا فيه اختيار

خضوعٌ أو إِسارٌ أَو جلاءُ

فلا واللهِ لا أَنساه يوماً

بقربٍ منه أَسعدني اللقاءُ

جلالُ نبوةٍ وَجلالُ ملكٍ

عَلَى قسماتِه لهما رواءُ

ذكرتُ له (دمشقَ) وَكيف باتتْ

تراقُ عَلَى أَباطحها الدماءُ

أُبيحتْ حرمةُ الأَشياخِ فيها

وَريعتْ في مآمنها النساءُ

وَأَقفرتِ المساجدِ من مصلٍّ

وَعُطِّلَ من مآذنِها النداءُ

وَأصبحتِ الكنائسُ خاوياتٍ

تفيضُ أَسى هياكلها قواءُ

فَدرَّ عَلَى جبينِ الملكِ عرقٌ

تراءَى الحزنُ فيه والإِباءُ

وغالبَ أَدمعاً في مقلتيه

فلم يظفرْ وَقد غَلَب البكاءُ

فلا عجب إذا جزعتْ (دمشق)

فلوعتُها للوعتِه جزاءُ

هديرُ مياهها نوحٌ عليه

وَهينمةُ النَّسيمِ بها رثاءُ

وسودُ ظلالِها أَثوابُ حزنٍ

عليها باتَ يخلعها المساءُ

عزاءُ النفسِ عن بانٍ عظيمٍ

بنى ومضى إذا ثبتَ البناءُ

فلا تهنوا فما في الوهن إلا

مضاعفة الرزيَّةِ والشقاءُ

ولا يذهبْ رجاؤكمُ هباءً

لفرطِ أَسى وإنْ عَظُمَ البلاءُ

فبعد (محمَّدٍ) والجرحُ دامٍ

توالى الفتحُ وانتشرَ اللواءُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لهفي عليه شهابا كان مؤتلفا

المنشور التالي

يفنى الزمان وذكره يتجدد

اقرأ أيضاً