حُيِّيتِ يَا ذَاتَ المَقَامِ السَّامِي
بِتَحِيَّةِ الإِكْبَارِ وَالإِعْظَامِ
اليُمْنُ وَالإِقْبَالُ عَادَا فِي زَهَا
يَوْمٍ لَهُ شَرَفٌ عَلَى الأَيَّامِ
عِيدٌ يُجَدِّدُ لِلْبِلادِ وَأَهْلِهَا
بَهَجَاتِهِ بِتَجَدُّدِ الأَعْوَامِ
رَاعَ الْعُقُولَ بِآيَتَيْنِ تَرَاءتَا
فِي أُفْقِهِ المُتَهَلِّلِ البَسَّامِ
الشَّمْسُ فِي عَلَيْائِهِ مَجْلُوَّةٌ
وَيضدُ النَّوَالِ تَصُوبُ صَوْبَ غَمَامِ
مِصْرُ الَّتِي أَعَزَزْتِهَا وَحَبَبْتِهَا
عَنْ ظُهْرِ نَفْسٍ مِنْكِ حُبَّ غَرَامِ
وَأَبَيْتِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَرَامُهَا
فِيمَا شُغِلْتِ بِهِ أجَلَّ مَرَامِ
جَعَلَتْ لِرَكْبِكِ مِنْ سَوَادِ قَطِينِهَا
سُوداً وَمِنْ سَادَاتِهَا الأَعْلامِ
حَفَلُوا لأُمِّ المُحْسِنِينَ وَأَمْمَأْوا
بِتَجِلَّةٍ مَصْدُوقَةٍ وَسَلامِ
يُبْدُونَ مِنْ وَحْيِ النُّفُوسِ إِشَارَةً
لَطُفَتْ وَلِلْوَحْيِ اللَّطِيفِ مَرَامِ
يَا أَهْلَ هَذِي الدَّارِ لا بَرِحَتْ بِكُمْ
مَأْهُولَةً مَرْفُوعَةَ الأَعْلامِ
فَإِذَا نَأَيْتُمْ لا حُرِمْنَا عَوْدَكُمْ
مِنْ عُيَّبٍ مُتَرَقِّبِينَ كِرَامِ
إِنِّي لأُلْهَمُ يَا مُفَدَّاةَ الحِمَى
قولاً وَتَنْبُو دُونَهُ أَقْلامِي
شَتَّانَ مَا بَيْنَ الَّذِي يُدْنِينَهُ
وَمَكَانَهُ العَالِي مِنَ الإِلْهَامِ
مَنْ لِي بِوَصْفِ عَظَائِمٍ خَلَّدْتِهَا
لَمْ تَتَّسِقْ لِمُخَلَّدِين عِظامِ
أَثَرَ الأَصَادِقُ عَنْكِ مَا لَمْ يَأْثُرُوا
عَنْ أُمَّهَاتِ المَجْدِ فِي الإِسْلامِ
مِنَنٌ شَمَلْتِ بِهَا المَشَارِقَ فَانْتَفَى
فِيمَا وَسِعْنَ تَبَايُنُ الأَقْوَامِ
فِي كُلِّ قَلْبٍ صُورَةٌ لَكِ أُنْزِلَتْ
مِنْ كُلِّ قَلْبٍ مُنْزِلَ الإِكْرَامِ
مَاذَا وَجَدْتُ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْكِ فِي
أَثْنَاءِ كُلِّ تَرَحُّلٍ وَمُقَامِ
دَارَجْتُ ذِكْرَكِ وَالسَّفِينُ مَدَائِنٌ
حَمِلَتْ عَلَى ظَهْرِ الخِضَمِّ الطَّامِي
فَكَأَنَّمَا النَّسَمَاتُ وَهْيَ مُقِلًّةٌ
نَفَحَاتُهُ تَسْرِي بِنَشْرِ خَزَامِ
دَارَجْتُ ذِكْرَكِ فِي الحُزُونِ وَفِي الرُّبَى
مِنْ صَاقِبِ الأَطْرَافِ وَالمُتَرَامِي
فَرَأَيْتُ مِنَ زَهْرِ الرِّيَاضِ هَشَاشَةً
لِحَدِيثِهِ تَبْدُو مِنَ الأَكْمَامِ
وَطَرِبْتُ للأَطْيَارِ شَادِيَةً بِهِ
وَنَقَعْتُ فِي مَجْرَى الصَّفَاةِ أُوَامِي
دَارَجْتُ ذِكْرَكِ فِي الحَوَاضِرِ وَالقُرَى
بَيْنَ المُرُوجِ الخُضْرِ وَالآكَامِ
فَبَدَا لِيَ المَعْمُورُ معْمُوراً بِهِ
فِي كُلِّ مُجْتَمَعٍ وَكُل مَقَامِ
أَيُّ المَحَامِدِ لَمْ تَكُنْ لَكِ نَفْحَةٌ
فِيهِ تَهُزُّ رَصِينَةَ الأَحْلامِ
مَنْ بَرَّ بِرَّكِ بِالأيَامَى وَانْتَحَى
مَنْحَاكِ مِنْ حَدَبٍ عَلَى الأَيْتَامِ
وَلِمَنْ سِوَاكَ إِذَا تَضَرَّمَتِ القُرَى
أَشْفَى نَدىً فِي إِثْرِ كُل ضِرَامِ
وَمنِ الَّتِي فِي دَفْعِ كُلِّ مُلِمَّةٍ
هِيَ كَعْبَةُ الآمَالِ لِلْمُعْتَامِ
وَعِنَايَةٌ مَحْجُوبَةٌ لَيْسَتْ تُرَى
إِلاَّ بِمَا تُسدِي مِنَ الإِنْعَامِ
هَذِي تَحِيَّةُ شَاعِرٍ يَقْضِي بِهَا
حَقَّ العُلَى فِي العَامِ بَعْدَ العَامِ
يَجْلُو بَدِيعُ نِظَامِهَا مَا تَنْجَلِي
عنه صِفَاتُكِ فِي بَدِيعِ نِظَامِ
بَرِئَت كَذَاتِكِ وَهْيَ مِرْآةٌ لَهَا
مِنْ كُلِّ غَاشِيَةٍ تَرِيبُ وَذَامِ
تتَحَوَّلُ الدُّنْيَا تَجَوُّلَ أَهْلِهَا
وَالعَهْدُ عَهْدِي وَالذِّمَامُ ذِمَامِي
وَلَقَدْ أُلامُ عَلَى الوَفَاءِ فَمَا أَرَى
لِيَ مَادِحِينَ كَزُمْرَةِ اللُّوَّامِ
هَلْ لِلْفَتَى عُمْرَانِ يُفْنِي فِيهِمَا
قَلْبَيْنِ بَيْنَ النَّقْضِ وَالإبْرَامِ
إِنَّ الوَفَاءَ سَجِيَّةٌ لَمْ يُؤْتِهَا
إِلاَّ رِجَالُ الرَّأْيِ وَالإِقْدَامِ
عِيشِي وَأَبْلِي الدَّهْرَ وَاغْتَفِرِي لَهُ
بِالصَّالِحَاتِ كَبَائِرَ الآثَامِ
تِلْكَ المَآثِرُ لِلدَّوَامِ بَنَيْتِهَا
وَسِوَاكَ مَنْ يَبْنِي لِغَيْرِ دَوَامِ