رب البيان وسيد القلم

التفعيلة : البحر الكامل

رَبَّ البَيَانِ وَسَيِّدَ القَلَمِ

وَفَّيْتَ قِسْطَكَ لِلعُلَى فَنَمِ

نَمْ عَنْ مَتَاعِبِهَا الجِسَامِ وَذَرْ

آلامَهَا غُنْماً لِمُغْتَنِمِ

مَا أَصْغَرَ الدُّنْيَا وَأَحْقَرَهَا

فِي جَنْبِ مَا لِلمَيْتِ مِنْ عِظَمِ

يُغْضِي وَقَدْ آذَتْهُ دَائِبَةً

عَنْ ذَنْبِهَا إِغْضَاءةَ الكَرَمِ

مَا أعْجَزَ اللَّسِنَ الفَصِيحَ لَدَى

عِيِّ الفَقِيدِ الخَالِدِ البَكِمِ

مَا أَسْخَفَ العَبَرَاتِ سَاكِبَةً

وَالنَّعْشُ يَحْجُبُ وَجْهَ مُبْتَسِمِ

يَا مَنْ بَكَتْ لِفِرَاقِهِ أُمَمٌ

كَانَتْ بِهِ مَحْسُودَةَ الأُمَمِ

أَلآنَ جُزْتَ الوَهْمَ مُرْتَقِياً

وَإِلَى الصَّوَابِ خَلَصْتَ مِنْ حُلُمِ

أَكْمِلْ بَلاغَكَ يَا حَكِيمُ وَقلْ

أَحَيَاتُنَا خَيْرٌ مِنَ العَدَمِ

أَمْ تِلْكَ أَمْ غَيْرُ عَاقِلَةٍ

أُمٌّ بِلا قَلْبٍ وَلا رَحِمِ

أُمٌّ تُغَذِّي مِنْ وَلائِدِهَا

رُمَماً تُمَشِّيهَا عَلَى رُمَمِ

مَا الخَلْقُ هَلْ أَدْرَكْتَ غَامِضَهُ

وَأَزَحْتَ عَنْهُ غَيَاهِبَ الظُّلْمِ

أَجْهَدْتَ فِكْرَكَ فِي تَعَقُّلِهِ

وَصَدَرْتَ عَنْهُ وَارِداً كَظَمِي

سَاءلْتَ عَنهُ النَّجْمَ مُرْتَقِباً

وَبَحَثْتَ بَيْنَ الحَرْفِ وَالرَّقَمِ

وَهَوَى بِكَ الوَادِي مَهَاوِيَهُ

وَرَنَوْتَ مُنْطَاداً مِنَ القِمَمِ

تَبْغِي الحَقِيقَةَ سَاعِياً كَلِفاً

مِنْ كُلِّ مُطَّلِبٍ بِلا سَأَمِ

أَمَّا النِّظَامُ فَكُلُّهُ عَجَبٌ

فِي الكَوْنِ لِلمُتَبَصِّرِ الفَهِمِ

أَلتُّرْبُ لِلأَجْسَامِ مُصْطَنَعٌ

وَنَوَاسِمُ الأَرْوَاحِ لِلنَّسَمِ

وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ دَقَائِقِهَا

مَعْنَىً كَمَعْنَى الكُلِّ لَمْ يُرَمِ

لَمْ تَدْرِ سِرّاً لِلحَيَاةِ وَلا

لِخُصُومَتَيْهَا البُرْءِ وَالسَّقَمِ

وَنِزَاعِهَا المُحْيِي المُمِيتِ مَعاً

بَيْنَ الصَّفَاءِ النَّزْرِ وَالأَلَمِ

سِرّ لَوْ أَنَّ المَرْءَ يُدْرِكُهُ

عَقْلاً لَشِمْتَ سَنَاهُ مِنْ أَمَمِ

لَكِنْ رَأَيْتَ البِرَّ أَجْمَلَ مَا

تُحْدَى إِلَيْهِ سَوَابِقُ الهِمَمِ

وَالْبِرُّ أَشْرَفَهُ وَأَنْفَعُهُ

لِلنَّاسِ فِي الإِرْشَادِ وَالحِكَمِ

فَأَزَلتَ كُرْبَةَ كُلِّ ذِي شَجَنٍ

بِالرَّائِقِ الشَّافِي مِنَ الكَلِمِ

وَأَسَوْتَ مَكْلُومَ النُّفُوسِ إِسَا

مِنْ يَقْرِنُ التَّضْمِيدَ بِالنَّغَمِ

بِرَوَائِعٍ كَالكَوْنِ بَاهِرَةٍ

مَا بَيْنَ مُنْتَثِرٍ وَمُنْتَظِمِ

جَمَّلْتَهَا بِجَمَالِهِ فَمَضَتْ

وَلَهَا جَلالُ الكَوْنِ مِنْ قِدَمِ

يَا فَخْرَ دَارِ الأَنْبِيَاءِ أَلَمْ

يَضِقِ الضَّريحُ بِمُحْتَوَى عَلَمِ

شَرَّفْتَهَا وَالآنَ صِرْتَ إِلَى

مَهْوَى الجِبَالِ وَمَهْبِطِ الشَّمَمِ

لَكِنَّ ذِكْركَ خَالِدٌ أَبَداً

فِي النَّاسِ مَحْمُودٌ بِكُلِّ فَمِ

بِبَقَائِهِ وَرَدَاكَ مَوْعِظَةٌ

لِلسَّائِرِ المُفْضِي إِلَى الرجُمِ

إِخْلَعْ عَنِ اسْمِكَ فَانِياً خَلَقاً

وَالبَسْ جَمِيلَ الذِّكْرِ تَسْتَدَمِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ذلك الرزء في الصديق الكريم

المنشور التالي

راعنا خطبهم وكان جسيماً

اقرأ أيضاً

أعراس

كل قصائدي… تزوجت والحمد لله ولم يبق عندي في البيت قصيدةٌ واحدةٌ، لم يأت نصيبها لذلك يكرهني.. كل…