تمضي وأنت مضنة الأوطان

التفعيلة : البحر الكامل

تَمْضِي وَأنْتَ مَضَنَّةُ الأَوْطَانِ

وَدَرِيئَةٌ ذُخِرَتْ لَهذَا الآنِ

هَذَا هُوَ الخَطْبُ الأَجَلُّ وَهَذِهِ

أَدْعَى رَزَايَاهَا إلىَ الأَشْجَانِ

عُذْراً إذَا الأُمُّ الثَّكُولُ تَوَلَّتْ

وَفَقِيدُهَا هو آثَرُ الفِتْيَانِ

كَانَتْ مُقَلَّدَةً قِلاَدَةَ أنْجُمٍ

زُهْرٍ يَزِينُ نِظَامَهَا قَمَرَانِ

فَتَنَاثَرَتْ مِنهَا الكَوَاكِبُ وَانْطَوَى

قَمَرٌ فَكَانَ عَزَاؤُهَا فِي الثَّانِي

حَتَّى إذَا مَا انْقَضَّ جَدَّدَ رُزْؤُهُ

أَرْزَاءَهَا وَقَضَى عَلَى السلوَانِ

عُودَا بنا نَعْرِضْ جُهُوداً كَرَّسَتْ

لِلْمَجْدِ صَرْحاً بَاذِخَ البُنْيَانِ

في عَرضِهَا عِظَةٌ عَلَى تَكْرَارِهَا

تَزْكُو وَإنْ تَكُ مِلءَ كُلِّ جَنَانِ

إنِّي لأَحْضُرُهَا وَقْلْبِي سَامِعٌ

عَتْباً تُرَدِّدُهُ بِغَيْرِ لِسَانِ

تِلْكَ المُنَى نُثِرَتْ لَهُنَّ دِمَاؤُكُمْ

وَمَهِرْنَ بِالأَرْوَاحِ وَالأبدَانِ

أَلمِثْلِ مَا أَفْضَتْ إلَيْهِ حَالُكُمْ

يَا قَوْمُ مِنْ خُلْفٍ وَمِنْ خِذْلاَنِ

مَنْ ذَا يَرُدُّ عَلَى البِلاَدِ وَأَهْلِهَا

عَهْدَ الوِئَامِ وَقُوَّةَ الإيمَانِ

زُعَمَاؤُهَا مُتَكَافِلُونَ وَنَشْئُهَا

أجْنَادُهُمْ بِالطَّوْعِ وَالإذْعَانِ

وَالعَيْشُ تَكْسُوهُ المَفَاخرُ نَضْرَةً

وَالأَرضُ تُسْقَى بِالنَّجِيعِ القَانِي

إنْ أُطْلِقُوا أوْ قُيِّدُوا إنْ أُمِّنُوا

أوْ شُرِّدُوا حَالاَهُمُ سِيَّانِ

وَزَمَاجِرُ الإيعَادِ فِي أسْمَاعِهِمْ

أشْبَاهُ مُطْرِبَةٍ مِنَ الأَلْحَانِ

حَتَّى الإنَاثُ وَلَم يَكُنْ مِنْ شَأْنِهَا

خَوْضُ الغِمَارِ بِجَانِبِ الذُّكْرَانِ

بَرَزَتْ إلىَ السَّاحَاتِ لاَ يَعْتَاقُهَا

خَفَرٌ وَهَلْ خَفَرٌ بِدَارِ هَوانِ

أَلجَانِيَاتِ الوَرْدَ رَامَتْ حَظَّهَا

فِي كُلِّ مَرْمَى مِن رَصَاصِ الجَانِي

يَا حُسْنَهَا وَبَنَاتُهَا مَخْضُوبةٌ

بِجِرَاحِ مَنْ تَأَسُو مِنَ الشُّجْعَانِ

فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ الكَبِيرِ بِمَا جَرَى

فِيهِ هُوَ قَلَّ فِي الأَزْمَانِ

ذَاقَ الطُّغَاةُ مَرَارَةَ الوِرْدِ الَّذِي

شَرَعُوا وَسَاءَتْ شِرعَةُ الطُّغْيَانِ

وَتَبَيَّنُوا خَطَرَ اللِّدَادِ فَلَيَّنُوا

مِنْ جَفْوَةِ الجَبَرُوتِ وَالسُّلْطَانِ

وَمَشَوْا إلى زُعَمَاء مِصْرَ كَمَا مَشَى

أَقْرَانُ مَمْلَكَةٍ إلىَ أقْرَانِ

مَاذَا بَلَوْا مِنْ ظَرْفِ عَدْلِيِّ وَمِن

رَأَيٍ يُدَارُ وَمِنْ ثَبَاتٍ جَنَانِ

يَتَسَاجَلُونَ وَفِي المُسَاجَلّةِ الهُدَى

إذْ تَبْرَاُ النِّيَّاتُ مِنْ أدْرَانِ

وَيَرُوحُ عَدْلِيَّ وَيَغْدُو سَاعِياً

لَيِقاً إلى الغَايَاتِ فِي اطْمِئْنَانِ

لَمْ يَعْدُ أحْكَمَ خُطَّةٍ يَخْتَطُّهَا

فِيمَا يُبَاعِدُ تَارَةً وَيُدَانِي

إنْ يَنْفَصِمْ سَبَبٌ يَصِلهُ وَإنْ يَقَعْ

خَطَلٌ يَذُدْهُ بِمقَاطِعِ البُرْهَانِ

إيمانُهُ الوَضَّاحُ نَجْمٌ ثَابِتٌ

فِي القُطْبِ وَالأَفْلاَكِ فِي الدَّوَرَانِ

يَقَعُ اخْتِلاَطُ الرَّأيِ إلاَّ حَيْثُمَا

يَبْدُو سَنَاهُ لِمُقْلَةِ الحيْرَانِ

مَا زَالَ يَدْفَعُ غَاصِبِي أوْطَانِهِ

حَتَّى أدالَ اللهُ لِلأوْطَانِ

أمَّا سَرِيرَتُهُ وَسِيرَتُهُ فَلَمْ

تَتَخَالَفَا فِي السِّرِّ وَالإعْلاَنِ

لَمْ يَشْهَدِ النُّدْمَانُ عَدْلِيَّا إذَا

رُفِعَ الوَقَارُ بمَجْلِسِ النُّدَمانِ

كَلاَّ وَلَمْ يُرَ فِي مَقَامِ رَصَانَةٍ

مُتَكَلِّماً كَتَكَلُّمِ النَّشْوَانِ

كَلاَّ وَلَمْ تَشْغَلُهُ ذَاتُ خَلاَعَةِ

كَلاَّ وَلَمْ تَفْتِنْهُ بِنْتُ دِنَانِ

أمَّا شَمَائلُهُ فَفي نَفَحَاتِها

عَبَقُ القَرَابَةِ مِنْ أُولِي التِّيجَانِ

وَلَهَا حِلٌى مِمَّا تُلاَحِظُهُ النُّهَى

فِي اللَّوْذَعِيِّ العَاطِلِ المُزْدَانِ

آدَابُهُ آدَابُ إنْسَانٍ إذَا

كَمُلّتْ مَعَانِي النُّبْلِ فِي الإنْسَانِ

يُهْدِي ابْتِسَامَتَهُ عَلَى قَدَرٍ فَمَا

هُوَ بِالسَّخيِّ بِهَا وَلاَ الضَّنَّانِ

إنَّ اْبْتِسَامَاتِ الوُجُوهِ كَثِيرَةٌ

دَرَجَاتُهَا وَلَهَا لِطَافُ مَعَانِ

وَتَبَسُّطُ المُعْطِي بِهَا من نَفْسِهِ

غَيْرُ التَّبَسُّطِ من عَطَاءِ بَنَانِ

أخْلاَفُهُ كَمُلّتْ مُصَفَّاةً فَمَا

شِيبَتْ بِشَائِبَةٍ مِنَ النُّقْصَانِ

يَرْعَى كَرَامَتَهُ وَيَحْذَرُ كُلَّ مَا

يُزْرِي بِجَانِبِهَا الرَّفِيعِ الشَّانِ

وَاللُّطْفُ بَادٍ وَالإبَاءُ مُمَثِّلٌ

فِي شَخْصِهِ المُتَأنِّقِ المُتَوانِي

وَالحِلْمُ فيهِ سَجِيَّةٌ مَلَكِيَّةٌ

فَوقَ القِلَى وَالغلَّ وَالعُدْوَانِ

مَنْ يَغْتَفِرْ لِعَدُوِّهِ وَصَدِيقِهِ

ذَنْباً فَتِلْكَ نِهَايَةُ الإحْسَانِ

فَلْيُجْمِلِ اللهُ العَلِيُّ ثَوَابَهُ

وَيُقِرَّهُ فِي خَالِدَاتِ جِنَانِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بدت لك في روضة وردة

المنشور التالي

تمضي وذكرك ملء كل جنان

اقرأ أيضاً

سقيا لمجلسنا الذي آنسته

سَقياً لِمَجلِسِنا الَّذي آنَستَهُ واهاً لِمَجلِسِنا الَّذي أَوحَشتَهُ صَيَّرتَ مَجلِسَنا بِذِكرِكَ عامِراً وَحَضَرتَ آخَرَ غَيرَهُ فَعَمَرتَهُ فَالذِكرُ مِنكَ…