مَا أَوْبَقَ الأَنْفُسَ إِلاَّ الأَمَلُ
وَهْوَ غُرُورٌ مَا عَلَيْهِ عَمَلٌ
يَفْرِضُ مِنْهُ الشَّخْصُ وَهْماً مَا لَهُ
حَالٌ وَلاَ مَاضٍ وَلاَ مُسْتَقْبَلُ
مَا فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ نُفْسٌ حَيَّةٌ
إِلاَّ قَدِ انْقَضَى عَلَيْهَا أَجَلُ
لَوْ أَنَّهُمْ مِنْ غَيْرِهَا قَدْ كُوِّنُوا
لاَمْتَلأَ السَّهْلُ بِهِمْ وَالْجَبَلُ
مَا ثَمَّ إِلاَّ لُقْمَةٌ قَدْ هُيِّئَتْ
لِلْمَوْتِ وَهْوَ الآكِلُ الْمُسْتَعْجِلُ
وَالْوَعْدُ حَقٌّ وَالْوَرَى فِي غفْلَةٍ
قَدْ خُودِعُوا بِعَاجِلٍ وَضُلِّلُوا
أَيْنَ الَّذِينَ شَيَّدُوا وَاغْتَرَسُوا
وَمَهَّدُوا وَافْتَرَشُوا وَظَلَّلُوا
أَيْنَ ذَوُوا الرَّاحَاتِ زَادَتْ حَسْرَةً
إِذْ جُنِّبُوا إِلَى الثَّرَى وَانْتَقَلُوا
لَمْ تَدْفَعِ الأَحْبَابُ عَنْهُمْ غَيْرَ أَنْ
بَكَوْا عَلَى فِراقِهِمْ وَأَعْوَلُوا
اللَّهَ فِي نَفْسِكَ أَوْلَى مَنْ لَهُ
ذَخَرْتَ نُصْحاً وَعِتَاباً يَقْبَلُ
لاَ تَتْرُكَنْهَا فِي عَمىً وَحَيْرَةٍ
عَنْ هَوْلِ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا تَغْفُلُ
حَقِّرْ لَهَا الْفَانِي وَحَاوِلْ زُهْدَهَا
وَشَوِّقْهَا إِلَى الَّذِي تَسْتَقْبِلُ
وَفِدْ إِلَى اللَّهِ بِهَا مُضْطَرَّة
حَتَّى تَرَى السَّيْرَ عَلَيْهَا يَسْهُلُ
هُوَ الْفَنَاءُ وَالْبَقَاءُ بَعْدَهُ
وَاللَّهُ عَنْ حِكْمَتِهِ لاَ يُسْأَلُ
يَا قُرَّةَ الْعَيْنِ وَيَا حَسْرَتَهَا
يَوْمَ يُوَفَّى النَّاسُ مَا قَدْ عَمِلُوا