بيروت: شمس ومطر. بحر أزرق/
أخضر وما بين اللونين من قربى ومصاهرة.
لكن بيروت لا تشبه نفسها هذه المرة.
تنظر إلى صورتها في المرآة, وتسأل:
لماذا تريدين أن تشبهي غيرك يا جميلة؟
تضع جمالها على موجة قلقة, وتخفي
أدوات الزينة في الأدراج. تسرح
شعرها بيدين نزقتين وتنتظر, دون
أن تعرف ما تنتظر كوردة على قارعة
الطريق العام. لكن المناخ مكتظ بأسرار
الغيوم القادمة من جهتين: من الصحراء
ومن البحر … ولا سيطرة للخيال على فوضى
المفاجآت. تضع خيالها جانباً, وتسلم
نفسها لأغنية تمدح اللامعنى دون أن
ترقى إلى شرف العبث. بيروت محرومة
من نسيان جرحها, ومحرومة من تذكر
غدها المتروك لرمية نرد في لعبة بلا
قواعد, كتجريبيّة شعر ما بعد الحداثة
في مقاهيها الخالية من الروّاد. لا أحد
يربح, والكل خاسر, حتى لو قال صديقي
أنسي الحاج” والرابح يخسر والخاسر
يربح”. بيروت الحزينة تخدر حزنها
بأغنية سابقة عن زمن سابق: عن
ريف وأرز وبراءة ومبارزة بين عاشقين
على عروس. فينام الحزن لساعات, لكن
الخوف لا ينام. بيروت خائفة على نفسها
ومن نفسها, ومما تعدّ لها العاصفة
من معلوم في صورة مجهول!
اقرأ أيضاً
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم
ذَهَبَ الرِجالُ المُقتَدى بِفِعالِهِم وَالمُنكِرونَ لَكُلِّ أَمرٍ مُنكَرِ وَبَقيتُ في خَلَفٍ يُزَكّي بَعضُهُم بَعضاً ليَدفَعَ مُعوِرٌ عَن مُعوِرِ…
أهاج قذاء عيني الإذكار
أَهاجَ قَذاءَ عَينِيَ الإِذِّكارُ هُدُوّاً فَالدُموعُ لَها اِنحِدارُ وَصارَ اللَيلُ مُشتَمِلاً عَلَينا كَأَنَّ اللَيلَ لَيسَ لَهُ نَهارُ وَبِتُّ…
عيناك أمكنت الشيطان من خلدي
عَيناكَ أَمكَنَتِ الشَيطانَ مِن خَلَدِي إِنَّ العُيونَ لَأَعوانُ الشَياطِينِ كَم لَيلَةٍ بِتُّ مَطويّاً عَلى حَرَقٍ أَشكُو إِلى النجمِ…
تعلمت البيداء فسحة صدره
تعلَّمتِ البيداءُ فُسْحةَ صدرهِ فأدمتْ خفاف اليَعْملاتِ النجائب وأشبِههُ الطَّوْدُ المُنيفُ رزانةً فلم يخش من مَرِّ الصَّبا والجنائب…
أهوى رشأً رشيق القد حلي
أَهْوَى رَشأً رُشَيْقَ القدّ حُلَيّ قد حكّمَه الغَرامُ والوَجْدُ عَلَيّ إن قُلْتُ خُذِ الرّوح يَقُلْ لي عَجَبَاً ألرّوحُ…
وعسى الليالي أن تمن بجمعنا
وَعَسى اللَيالي أَن تَمُنَّ بِجَمعِنا عِقداً كَما كُنّا عَلَيهِ وَأَكمَلا فَلَرُبَّما نُثِرَ الجُمانُ تَعَمُّداً لِيَكونَ أَحسَنَ في النِظامِ…
وبعض القول ليس له عناج
وَبَعضُ القَولِ لَيسَ لَهُ عِناجٌ كَمَخضِ الماءِ لَيسَ لَهُ إِتاءُ
أتنكر الدار أم عرفان منزلة
أَتُنكِرُ الدارَ أَم عِرفانَ مَنزِلَةٍ لَم يَبقَ غَيرُ مُناخِ القِدرِ وَالحُمَمِ وَغَيرُ نُؤيٍ رَمَتهُ الريحُ أَعصُرَهُ فَهوَ ضَئيلٌ…