بغيابها, كَوَّنْتُ صُورَتَها: مِنَ الأَرضيِّ
يبتدئ السماويُّ الخفيُّ. أَنا هُنا أَزِنُ
المدى بمعلَّقات الجاهليَّين… الغياب هُوَ
الدليلُ هُوَ الدليلُ. لكُلِّ قافِيَةٍ أُقمتْ
خيمةٌ. ولكُلِّ شيء في مهبِّ الريح
قافيةٌ. يُعَلِّمني الغيابُ دروسه: ((لولا
السرابُ لَماَ صَمَدْتَ…)) وفي الفراغ
فَكَكْتُ حرفاً من حروف الأبجديّات القديمة,
واتَّكَأْتُ على الغياب. فَمَنْ أنا بعد
الزيارةِ؟ طائرٌ أم عابرٌ بين الرموز
وباعةِ الذكرى؟ كأني قِطْعَةٌ أَثريَّةٌ,
وكأنني شَبَحٌ تسلَّلَ من يَبُوس، وقلْتُ لي:
فلنذهبنَّ إلى تلالٍ سَبْعَةٍ. فوضعْتُ
أَقْنِعَتي على حَجَرٍ، وسرتُ كما يسير
النائمون يقودُني حُلْمي. ومن قَمَرٍ إلى
قمر قَفَزْتُ. هناك ما يكفي من اللاوعي
من معراجه ((خذني إلى سنواتِنا
الأولى)) تقول صديقتي الأولى. ((دَعِي
الشُبَّاكَ مفتوحاً ليدخل طائرُ الدوريّ
حُلْمَكِ))… ثم أَصحو, لا مدينةَ في
المدينةِ. لا ((هُنا)) إلاّ ((هناك)). و لا
هناك سوى هنا. لولا السرابُ
لَما مَشيْتُ إلى تلالٍ سَبْعَةٍ….
لولا السراب!
اقرأ أيضاً
حظرت على الحي نظم المدي
حَظرْتُ على الحَيِّ نَظْمَ المَدي حِ ومدْحُ الوزير أوْلى بِيَهْ ومنْ كانَ فْخرَ أهلِ الزَّمانِ فانَّ به تَفْخَرُ…
عجبت للفظ منك ذاب نحافة
عجبتُ للفظٍ منكَ ذابَ نحافةً ومعناهُ ضخمٌ ما أَردتُ سمينُ وأعجبُ من هذين أن بيانَهُ حياةٌ لأرباب الهوى…
عجبا للزمان جاد ولكن
عجباً للزمان جاد ولكن على غير مستحق الجود يحرم الحر من مناه ويعطي نعمة الله للعبيد السود
يا كتاب الحبيب أفدي حروفا
يا كتابَ الحبيبِ أفدي حُروفاً فيك قد كلّمَتْ حشًى كلّمَتْهُ شفَتي قد شفَتْ فؤادي لمّا قبّلَتْهُ لراحة قلّبَتْهُ
وغادة كمهاة الرمل آنسة
وغادَةٍ كَمهاةِ الرَّملِ آنِسَةٍ تَذودُ عَنها سَراةُ الحَيِّ مِن سَبإِ إِذا بَدَتْ سارَقَتْها العَينُ نَظرَتَها تَلَمُّحَ الصَّقرِ رُعباً…
ولو شئت ساجلت البحور غزارة
ولو شئتَ ساجلت البحور غزارةً وبادهتَ قرض الشعر جِنَّة عَبقرا
تجلت فقلت البدر لولا عقودها
تَجلَّتْ فقلْتُ البدرُ لولا عُقودُها وماسَتْ فقلتُ الغصْنُ لولا نُهودُها وظَلّ نساءُ الحّيِ يَحسُدْنَ وجهَها ولا خيرَ في…