بالغور ما شاء المطايا والمطر

التفعيلة : بحر الرجز

بالغَور ما شاء المطايا والمطرْ

بَقلٌ ثخينٌ ونميرٌ منهمِرْ

وسرحةٌ ضاحكةٌ وبانةٌ

غنَّى الربيعُ شأنَها قبلَ السَّحَرْ

وَأَثرٌ من ظاعنينَ أَحمدوا

من عيشهم على الأُثَيلاتِ الأَثَرْ

فَراخِ من حبالها وخلِّها

تأخذُ من هذا اللُّبَاخِ وتَذرْ

كم المنى تُرعَى له وكم تُرَى

يُمسِك من أرماقها رجعُ الجِرَرْ

أَمَا تُجَمُّ لمساقطٍ لها

يطرحُهنّ بالفلا طول السفَرْ

اللّهَ فيها إنها طُرْق العلا

وعُدَّةُ المرء لخيرٍ ولشرّْ

ظهورُها العزُّ وفي بطونها

كنزٌ لليل الطارقين مدَّخَرْ

نعم لقد طاولها مِطالُنا

وحان أن يُعقِبَها الصبرُ الظفَرْ

فالغورَ يا راكبها الغورَ إذنْ

إنْ صدق الرائدُ في هذا الخبرْ

لسًّا وخضماً أو يعودَ تامكاً

الغاربُ التامكُ والجنْب المُعَرْ

وإن حننتَ للحمى وروضِهِ

فبالغضا ماءٌ وروضاتٌ أُخَرْ

هل نجدُ إلا منزلٌ مفارَقٌ

ووطنٌ في غيره يُقضى الوطَرْ

وحاجةٌ كامنةٌ بين الحشا

والصدر إن ينبِضْ لها البرقُ تُنِرْ

يا دِين قلبي من صَباً نجديّةٍ

تجري بأنفاس العِشاءِ والسَّحَرْ

إذا نَسيتُ أو تناسيتُ جَنَتْ

عليَّ بالغور جناياتُ الذِّكَرْ

آهِ لتلك الأوجهِ البيضِ على

رامَة في تلك القُبَيْباتِ الحُمُرْ

ينزو بجنبيّ متى غنَّى بها

قلبٌ متى ما شربَ الذكرى سَكِرْ

كنّا وكانت والليالي رطبةٌ

بوصلنا والدهرُ مقبولُ الغِيَرْ

أيّام لا تُدفع في صدري يدٌ

ولا يُطاع بي أميرٌ إن أمَرْ

وعاطفُ العيون لي وشافعي

ذنبي إليها اليومَ من هذا الشَّعَرْ

وَسْماً رجعتُ مهمِلاً غَفلاتِه

إذا البهامُ نصَّعَتهنَّ الغُرَرْ

ما خِيلَ لي أن الدراري قبله

يُنكرها ساري الظلام المعتكِرْ

قالوا تجمَّلتَ بها غديرةً

مَردَعةً عن الخنا ومُزدَجَرْ

رُدُّوا سفاهي وخذوا وقارَها

بَيْعَ الرضا وندَماً لمن خَسِرْ

رحتُ بها بين البيوتِ أَزوراً

موارياً شخصِيَ من غيرِ خَفَرْ

أحملُ منها بقلةً ذاويةً

بالعيش كانت أمسِ ريحانَ العُمُرْ

يا قَصُرتْ يدُ الزمان شدَّ ما

تطول في ثَلْمي وفي نقضِ المِرَرْ

عَصاً شظايَا ومشيبٌ عَنِتٌ

ومنزلٌ نابٍ وأحبابٌ غُدُرْ

وصاحبٌ كالداء إن أبديتُهُ

عَوَّرَ وهو قاتل إذا أُسِرْ

أحملُه حَملَ الشَّغا نقيصةً

وقلَّةً ما زاد أَلّاً وكثُرْ

يُبرزه النفاقُ لي في حُلَّةٍ

حبيرةٍ من تحتها جِلدُ نَمِرْ

مبتسمٌ والشرُّ في حِملاقِهِ

خَفْ كيف شئت أرقماً إذا كَشرْ

لأنفضنَّ الناسَ عن ظهري كما

قَطَّرَ بالراكبِ مجلوبٌ عُقِرْ

فَرْداً شِعاري لا مساسَ بينهم

منفَرَدَ الليثِ وإن شئتَ القَمرْ

نفسي حبيبي وأخي تقنُّعي

وربّما طرَّفَتِ الدنيا بحُرّْ

إن يكُ يأسٌ فعسى غائبةٌ

تَظهرُ والنارُ كمينٌ في الحجرْ

قد بشَّرتني بكريم هَبَّةٌ

بمثلها ريحُ الجَنوبِ لم تَثُرْ

تقول لي بصوتها الأعلى ضُحىً

وبالنسيم في الدُّجى الحلوِ العَطِرْ

إنَّ فَتَى مَيسانَ دون دارهِ

قد بَقِيَ المجدُ وحيداً وغَبَرْ

يعرفُ ما قد أنكر الناسُ من ال

فضل ويُحيي في العلا ما قد دَثَرْ

وأنه جرى بخيرٍ ذكرُهُ

حنّ وقد عُرِّض باسمي وذُكِرْ

وعَلِقَتْ بقلبه ناشطةٌ

مرَّت عليه من بُنَيَّاتِ الفِكَرْ

فمن هو الراكبُ ملساءَ القَرا

مُصْمَتَة الظهر ببطنٍ منقعِرْ

رفِّعْ ذُناباها وخفِّضْ صدرَها

مُشرِفةَ الحاركِ وقَصاءَ القَصَرْ

تحدو بها أربعةٌ خاطفةٌ

تُنحى عليها أربعٌ منها أُخَرْ

إذا المطايا خِفنَ إِظماءَ السُرى

فربُّها من شَرَقٍ على حذَرْ

يعدُّ أبراجَ السماء عَنَقاً

في مثلها تصعُّداً ومنحدَرْ

يرفَعُ عنها حدَبَ الموج إذا اس

تنَّتْ صناعُ الرِّجْل في خوضِ الغَمَرْ

لو لم يلاطفها على اعتسافه

بخُدعةٍ من اللِّيان لم تسِرْ

اِسلَمْ وسِرْ وليس إلا سالماً

مَن راح في حاجةِ مثلي أو بَكَرْ

قُلْ لأبي القاسم يا أكرمَ مَنْ

طُوِي إليه دَرْجُ أرضٍ أو نُشِرْ

وخيرَ من مُوطِلَ جفنٌ بكرىً

في مدحه فلم يضِعْ فيه السَّهرْ

وابنَ الذي قيل إذا ولَّى عن ال

دنيا تولَّتْ بعده على الأثَرْ

واستشرفَ الملوكُ من عطائه

والخلفاءُ ما استعَزَّ واحتقرْ

ومَنْ تكونُ الكَرَجُ الدنيا بأن

أُوطنَها وعِجْلُ ساداتِ البَشَرْ

لو لم يكن إلا ابنُ عيسى لكُمُ

فخراً كفى ملء لسان المفتخِرْ

ساقِي العوالي من دمٍ ما رَوِيَتْ

وعاقرُ البُدْنِ وعاقِرُ البِدَرْ

ناصبتم الشمسَ بحدِّ سيفه

ودستُمُ بسيعه حدَّ القَمرْ

وصارت الشمسُ تُسمِّيكم به

أنجادَ عدنانَ وأجوادَ مُضَرْ

مضى وبقَّى سؤرة المجد لكم

ملآى إذ ما شرب الناس السُّؤَرْ

لكرماءَ التقموا طريقَهَ

وألَّقوا بينهُمُ تلك السِّيَرْ

وشغَلوا مكانَهُ من بَعده

كالشمس سدَّ جوَّها الشُّهبُ الزُّهُرْ

زكيَّة طينتُهم حديدة

شوكتُهم طاب حصاهم وكثُرْ

لا يتمشَّون الضَّرَاء غيلةً

لجارِهم ولا يدِبُّون الخَمَرْ

كلُّ غلام ذاهبٌ بنفسه

مع العَلاء إن بدا وإن حضَرْ

إمَّا زعيمُ فيلقٍ يطرحهم

في لَهَواتِ الظلم حتى ينتصرْ

مغامرٌ مسلَّطٌ بسيفه

على الردى منتصِفٌ من القَدَرْ

أو تاركٌ لفضله من دِينه

ما عزَّ من سلطانِهِ وما قَهَرْ

عفَّ عن الدنيا وقد تزخرفتْ

ممكنةً وعافها وقد قَدَرْ

محكَّمٌ في الناس يقضِي بينهم

بمُحكَم الآي ومنصوصِ السُّوَرْ

فكلّكم إمّا ابن عزٍّ حاضرٍ

بسبقه أو ابن عزٍّ مدَّخَرْ

وحسبُكم شهادةً لقاسمٍ

مجدُ أبي القاسم عيناً بأثَرْ

حدَّثَ عنه مثلَ ما تحدَّثتْ

عن كرم الأغصانِ حَلواءُ الثَّمرْ

مواهبٌ في هبةِ اللّه لكم

أوفَى بها على مناكم وأبَرّْ

يا مسلفي تبرُّعاً من ودِّه

سلافةَ الخمرِ ووسمِيَّ المطَرْ

ومُنزِلي من شُرُفاتِ رأيه

مكانَ ينحطُّ السُهَى وينحدِرْ

لبيّك قد أسمعتني وإن يغبْ

سمعِيَ عنك ففؤادي قد حضَرْ

عوائدٌ من الكرامِ عاد لي

ميِّتُهن بعلاك ونُشِرْ

كم فيّ من جُرحٍ قد التحمتَهُ

بها ومن كَسرٍ عَصَبتَ فُجبِرْ

ملكتَ رقِّي وهواي فاحتكِمْ

مِلكَ اليمين لم أَهَبْ ولم أُعِرْ

لَثمتُ ما خطَّت يدُ الكاتب مِن

وصفِكَ لي لثمَ المطيفين الحجَرْ

وقلتُ يا كامنَ شوقي ثُرْ ويا

قلبِيَ إمَّا واقعاً كنتَ فَطِرْ

ويا ظَمائي هذه شريعةٌ

يدعو إليها الواردين من صَدَرْ

فلو علِقتُ بجناحِ نهضةٍ

حوَّمَ بي عليك سعيٌ مبتدَرْ

ولرأيتَ معَ فرط حشمتي

وجهي عليك طالعاً قبلَ خَبَرْ

لكنَّها عزيمةٌ معقولةٌ

تئنُّ من ضغط الخطوبِ والغِيَرْ

وهمةٌ عاليةٌ يحطُّها

أسْرُ القضاء لا يفكُّ من أَسَرْ

وربّما تلتفتُ الأيّام عن

لجاجها أو يُقلعُ الدهرُ المُصِرّْ

وإن أُقمْ فسائراتٌ شرَّدٌ

يَزُرن عنّي أبداً من لم أَزُرْ

قواطعٌ إذا الجيادُ حَبَسَتْ

إليك أمراسَ الحبالِ والعُذرْ

كلُّ ركوبٍ رأسَها إلى المدى

لم تزجُر الطيرَ ولمَّا تستشِرْ

نهارُها مختلطٌ بليلها

ترمِي العشيّاتُ بها على البُكَرْ

تحمِلُ من مدحكُمُ بضائعاً

يمسي الغبينَ في سواها من تَجَرْ

كأنَّما حلَّ اليمانون بها

عِطارَ دارين وأفوافَ هَجَرْ

لم يمضِ من قبلي فمٌ لأُذُنٍ

بمثلهِنّ مُوعَباً ولم يَطِرْ

سلَّمها فحولُ هذا الشعر لي

ضرورةً ما سلَّموها عن خِيَرْ

شُهْدٌ لمن أحبَّكم وأَقِطٌ

وفي أعاديكم سِمامٌ وصَبِرْ

لتعلموا أن قد أصاب طَوْلَكم

مَن عرفَ النعمةَ فيه فَشَكرْ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

من حاكم وخصومي الأقدار

المنشور التالي

لمن الطلول تراقصت

اقرأ أيضاً