صدت بنعمان على طول الصدى

التفعيلة : بحر الرجز

صدَّتْ بنعمانَ على طول الصدَى

دعها فليس كلُّ ماءٍ مَوردا

لحاجةٍ أمسَّ من حاجاتها

تخطَّأتْ أرزاقَها تعمُّدا

ترى وفي شروعها ضراعةٌ

حرارةً على الكبودِ أبردا

عادةُ عزٍّ جَذَبَتْ بخَطْمِها

وكلُّ ذي عزٍّ وما تعوَّدا

لا حَمَلَتْ ظهورُها إن حَمَلَتْ

رِجْلاً على الضيم تقَرُّ أو يدا

إن لم يلِقْها جانبٌ مقاربٌ

فارمِ بها الجنبَ العريضَ الأبعدا

خاطرْ ولَو أردى الخِطارُ إنه

لا يأمن الذلَّةَ مَن خاف الردَى

لا يُحرزُ الغايةَ إلا بائعٌ

بغِلظةِ العيش الرقيقَ الرَّغَدا

يَطوي الفلا لا يستضيفُ مؤنساً

والليلَ لا يسأل نجماً مرشدا

إذا رأى مَطعمةً خافضةً

عوَّذَ بالله ومالَ الحَيَدا

يُعطي جِذابَ الشهواتِ عُنُقاً

شمساءَ لا تَعرف إلا الصَّيَدا

تمارسُ الأيّامُ منه كلّما

حارنَ أو لجّ غلاماً نَكِدا

يعزِفُ إلا عن فُكاهاتِ الهوى

وقد رأى فيه الحبيبَ المسعِدا

أَقسمَ بالعِفّةِ لا تيَّمهُ

ظبيٌ رنا أو غُصُنٌ تأوَّدا

ولا قَرَى صَبابةً فؤادَه

إلا السلوَّ حاضراً والجَلَدا

شأنَك ياابنَ الصَّبَواتِ فالتمسْ

غيري أخاً لستُ لهنَّ وَلَدا

مولاك من لا يخلقُ الشوقُ له

وجداً ولا طولُ البعاد كمدا

كأنما يَشهدُ من عَفافه

على المشيبِ يافعاً وأمردا

موقَّراً متَّعظاً شبابهُ

كأنما كان مَشيباً أَسْودا

تحسبه نزاهةً وكرماً

ومجدَ نفسٍ بابن أيوبَ اقتدَى

فِدَى عميدِ الرؤساء مُصفِرٌ

لو طاب لا يصلُح إلا للفِدَى

يرضَى بما ساق إليه غَلطُ ال

حظّ ولم يسعَ له مجتهدا

يعجَبُ من جهالةِ الأيّام في

وِجدانه ما لم يكن لينشُدا

تحسبه جاء يريد غيره

فضلَّ عن طريقِهِ وما اهتدى

وحاسدٍ فخارُه معْ نقصِهِ

في الناس أن عادى العلا وحسَدا

تُلهِبُ نارُ الغيظ في ضلوعه

جمراً يقول حرُّها لا بَرَدا

زال بنصرِ مجدِهِ غيران ما

نازلَ إلا ظافراً مؤيَّدا

مدّ إلى أخذِ العلا فنالها

يداً تبوعُ ساعداً وعَضُدا

تَقضِي له الأقلامُ من حاجاتها

ما استقضت الذابلَ والمهنَّدا

ما زال يرقَى في سماواتِ العلا

بروجَها الأسعدَ ثمَّ الأسعدا

مصاعداً نجومها حتى إذا

تطاولتْ خلَّفَها وصعِدا

رأى المعالي بالمساعي تُقتضَى

والشرفَ المحرَزَ من كسبِ الندَى

فصاعبَ الأُسودَ في أغيالها

صرامةً وجاودَ الغيثَ جَدَا

وكلّما قيل له قِفْ تسترحْ

جزتَ المدَى قال وهل نلتُ المدَى

ناهضَ ثِقلَ الدولتين فكفى ال

مُلكَ الطريفَ ما كفاه المتلَدا

وكان للأمريْن منه جُنَّةً

مسرودةً وصارماً مجرّدا

فاغترسَ القادرُ يومَ نصرهِ

واستثمرَ القائمُ بالأمر غدا

قام بأمرٍ جامع صلاحَهُ

فضمَّه بنفسه منفردا

فلستُ أدري أَلِوَحيٍ هابط

أم اختياراً لقَّباه الأوحدا

وزارةٌ وفَّرها لدَستِهِ

أنَّ أباه قبلُ فيه استندا

دبَّرها مستبصراً فلم يكن

مفوِّضاً فيها ولا مقلِّدا

يُسنِد عن آبائه أخبارَها

صادقةً إذا اتهمتَ المُسنِدا

وأعتقُ الناس بها من لم يزل

مكرَّراً في بيتِها مردَّدا

يا من مخضتُ الناسَ فاستخلصتهُ

بعدَ اجتهادي فالياً منتقدا

والبازلُ العَوْدُ وقد نبذتُهم

بَكِيّةً معرورةً أو نَقَدا

ذلّلتَ أياميَ واستقربتَ لي

غُلُبَّةً وفاءها المستبعَدا

هوّنْتَ عندي الصعبَ من صروفها

فخلتُ أفعاها الوَثُوبَ مَسَدا

أعديتَها بحفظك العهدَ فقد

صارت صديقاً بعد أن كانت عِدا

ولم تضيِّع حُرَماً أحكمها

قديمُ حقّي فيكُمُ وأكَّدا

أنتَ كما كنتَ أخاً مُخالِلاً

بحيثُ قد زدتَ فصرتَ سيّدا

فاسمعْ أقايضْك بها قواطناً

سوائراً معقَّلاتٍ شُرَّدا

عوالقاً بكلِّ سمعٍ صَلِفٍ

يلفِظُ أن يَقبلَ إلاّ الأجودا

مما قهرتُ فجعلتُ وعرَه

مُدَيَّناً وحرَّه مستعبَدا

مَطارِباً إذا احتبى الراوي لها

شككتَ هل غنىً بها أم أنشدا

تُخالُ أَرجازاً من استقصارها

وقد أطال شاعرٌ وقَصَّدا

يَمضي الفتى الموسومُ في فخارها

صفحاً وتُبقِي عِرضَه مخلَّدا

تَحمِلُ أيّامُ التهاني تُحَفاً

منها إليك بادئاتٍ عُوَّدا

ما دامت الغبراءُ أو ما حَمَلتْ

مدحوّةٌ من الجبال وَتِدا

سنينَ تطويهنّ حيَّاً سالماً

مُنَورِزاً في العزّ أو معيِّدا

لا الشعرُ تَبلَى أبداً رسومُهُ

فيك ولا تُعدَمُ أنت سَنَدا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

قام برجل ومشى على يد

المنشور التالي

أنشد من عهد ليلى غير موجود

اقرأ أيضاً

لانت صلاب العزائم

لانَتْ صِلابُ العَزَائِمْ وانْبَتَّ عِقْدُ العَظَائِمْ قَضَى حَبِيبُ المَعالِي قَضَى عَدُّوُّ المَظَالِمْ قَضَى فَتَى الْحِلْمِ وَالبَأْ سِ وَالعُلَى…

تشمس يا ابن حري وأرتع

تَشَمَّس يا اِبنَ حَرِّيٍّ وَأَرتِع فَمِثلُكَ لا يُقادُ إِلى الرِهانِ وَمِثلُكَ مُقرِفُ الطَرَفَينِ عَبدٌ صُفِعتَ عَلى النَواظِرِ وَالبَنانِ