ما بين أعطاف القدود الهيف

التفعيلة : البحر الكامل

ما بين أعطاف القُدودِ الهِيفِ

سَبَبٌ ثقيلٌ قامَ فوقَ خفيفِ

إن فرَّ من تلك الرِّماحِ طعينُها

لقِيَتْهُ أجفانُ المَهى بسُيُوفِ

سُبحانَ مَن خلقَ المحاسنَ وابتَلى

مُهَجَ القُلوبِ بحُبِّها المألوفِ

دَعتِ الخليَّ إلى الهوَى فأجابها

طَوعاً وعاصَي داعيَ التعنيفِ

أمسَى يَجُرُّ على القَتادِ ذُيولَهُ

من كان يعثُرُ في رمال الرِيفِ

وإذا الهَوَى مَلَكَ الفُؤادَ فإنَّهُ

مَلكَ الفَتَى من تالدٍ وطريفِ

أفدي عِذاراً خطَّ كاتبُهُ بلا

قلمٍ لنا سَطراً بغيرِ حُروفِ

شبَّبتُ فيهِ تصببُّاً حتَّى أتَت

عذراءُ من بَغدادَ تحتَ سُجوفِ

خَودٌ شُغِلتُ وقد شُغِفتُ بحُسنِها

عن حُسنِ كلِّ وصيفةٍ ووصيفِ

تختالُ تحت رقائقٍ وعَقائقٍ

ومناطقٍ وقَراطقٍ وشُنوفِ

عَرَبيةٌ ألفاظُها قد نُزِّهَتْ

عن شُبهةِ التصحيفِ والتحريفِ

نَسَجَ البديعُ لها طِرازاً مُعلَماً

من صَنْعةِ الأقلامِ في التفويفِ

أهلاً بزائرةٍ عليَّ كريمةٍ

حَلَّت فجلَّتْ عن مَحَلّ ضُيوفِ

إن لم يَصِحَّ المدحُ لي منها فقد

صحَّت بذلكَ آيةُالتشريفِ

جادَ الإمامُ بها عليَّ تفضُّلاً

كالبحر جادَ بدُرِّهِ المرصوفِ

رَجعَ الثَناءُ بها عليهِ بلُطفهِ

فكأنهُ رَجْعُ الصَدَى لَهَتُوفِ

عَلَمٌ قد اشتَهرَتْ مناقبُ فضلِهِ

في النَّاسِ فاستغنى عن التَّعريفِ

كَثُرتْ صِفاتُ الواصفيِهِ وطالما

لَذَّت فشاقَتْنا إلى الموصوفِ

صافي السريرةِ مُخلِصٌ يمشي على

قَدَمِ التُّقَى ويَجُرُّ ذيلَ عفيفِ

أفعالُهُ المتصرِّفاتُ صحيحةٌ

سَلِمتْ من الإعلال والتضعيفِ

هُوَ عارفٌ باللهِ قامَ بَنهْيِهِ

عن مُنكرٍ والأمرِ بالمعروفِ

سيماؤهُ في وَجهِهِ الوضَّاح من

أثَرِ السُّجودِ على أديمِ حنيفِ

لَهِجٌ بخُلقِ الزاهدِينَ أحَبُّ من

لُبس الشَّفُوفِ إليهِ لُبسُ الصوفِ

يهفو إلى زُهْر الفضائل عائفاً

من زَهرةِ الدُّنيا اجتِناءَ قُطُوفِ

ياقوتُ خَطٍّ من سَوادِ مِدادِهِ

كُحلٌ لطَرْفِ الناظرِ المطروفِ

أقلامهُ كالبيضِ في إمضائها

لكنها كالسُمر في التثقيفِ

قد صَرَّفَتْ في المُعرَباتِ بَنانُهُ

تلكَ العواملَ أحسنَ التصريفِ

تَسعى لديهِ على الرُؤُوس كأنَّما

تجري على فَرسٍ أغَرَّ قَطُوفِ

العالمُ الشَهْمُ الفؤادِ الشاعرُ ال

واري الزِنادِ الباهرُ التأليفِ

ثَمِلَ العِراقُ بشِعرِهِ حتى جَرَت

في الشامِ فضلةُ كأسهِ المرشوفِ

من كل قافيةٍ كزَهْر حديقةٍ

في كلِّ مَعْنىً كالنسيمِ لطيفِ

هي مُعجزِاتٌ في صُدور أُولي النُّهَى

ضَرَبَت عَرُوضاً ليسَ بالمحذوفِ

لا بدعَ في عبد الحميدِ فإنَّها

أُمُّ العِراقِ أتَتْ بكلِّ طريفِ

أمُّ العِراقِ مدينةُ الخُلفَاءِ وال

عُلَماءِ والشُعراءِ بِضعَ أُلوفِ

لا تُنكِروا خوفاً يَهُولُ رِسالتي

منها وإن تكُ أمْنَ كل مَخُوفِ

لولا الغُرورُ حَبَسْتُها لكنَّني

أطلقتُ عُذري خَلْفَها كرديفِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

للشوق عندك مقعد ومقيم

المنشور التالي

سلام وما يغني السلام على البعد

اقرأ أيضاً

أريت أي بنية

أَرَيتَ أَيَّ بُنَيَّةٍ تُعزى إِلى الرَوضِ النَضيرِ أَهدى الرَبيعُ صَغيرَةً مِنها تَهِشُّ إِلى الكَبيرِ فَلَثَمتُها كَلَفاً بِها وَالشَيخُ…