أتَتْني بلا وَعْدٍ من المَنزلِ الأسنى
رَبيبةُ خِدرٍ تَجمَعُ الحُسْنَ والحُسنَى
فَرَشْتُ لَها بِيضَ القُصورِ مَطارِفاً
فلم تَرْضَ إلاّ أسودَ القَلبِ للسُكنى
رَقيقةُ مَعنىً صَيَّرَتْني رقيقَها
لِما أبْرَزَت من رِقَّةِ اللّفظِ والمَعْنَى
دَنَتْ فَتَدَلَّتْ دانياتُ قُطوفِها
عليَّ فكانت قابَ قَوْسينِ أو أدنَى
أتَتْنا تَخُوضُ البَحرَ جَاهَدَةَ السُّرَى
من البَحرِ لكنْ صادَفَتْ عندَنا حَزْنا
وَفاتتْ مياهَ النِّيلِ تطلُبُ قفْرةً
تُعيضُ الصَّدَى عن ذلك المَورِدِ الأهنَى
مُخدَّرَةٌ لَميْاءُ غَرْثى الوِشاح لو
رأى قَيْسُ لُبْنى حُسنَها صَدَّ عن لُبْنى
لَقد أُلبِسَتْ ثوبَ البياضِ وَخُتِّمَتْ
عَقيقاً بهِ عن ظَرْفِ أخلاقها يكْنى
عقيلةُ قومٍ زَفَّها اليومَ عاقلٌ
كريمٌ يَشوقُ القلبَ والعينَ والأُذْنا
أتَتْني على بُعدِ المَزارِ تَعُودُني
وقد عَلِمتْ أنّي لوَجْدِي بهِ مُضَنى
كريمُ الثَّنا أثنَى عليَّ بوَصفِهِ
ومَن لي بأنْ أُثْني عليهِ كما أثْنَى
أنا الآلُ لكنْ لا أقولُ غَرَرتُهُ
ولكنَّ عينَ الحُبِّ قد تَخلُقُ الحُسنا
وَجدَنا بهِ الخِلَّ الوفيَّ فلم تكن
عن الغُولِ والعَنقْاءِ أطماعُنا تُثَنى
يَزيدُ على طول الزَّمانِ وِدادُهُ
فينمو نُموَّ الغَرْسِ في الرَوضةِ الغَنَّا
أديبٌ لبيبٌ شاعرٌ ناثرٌ لهُ
جَواهِرُ أبياتُ القَريضِ بها تُبَنى
لَطائِفُ مَعناهُ أرَقُّ منَ الصَبا
وأطرَبُ من صَوتِ الهَزارِ إذا غَنَّى
أصابَتْ يداهُ اليُمنَ واليُسرَ في الوَرَى
فأيَمَنتِ اليُسَرى وأيسَرَتِ اليُمنى
هو العُمَرِيُّ الطَّاهرُ النَسَبِ الذي
تَمتَّعَ بالألطافِ مِنْ مَنِّ مَنْ مَنَّا
ضَمِنتُ لهُ حِفظَ المَوَدَّةِ طائعاً
وأودَعتُ ذاك القلبَ في يدهِ رهنْا