لمن الهوادج في عراء الهوجل

التفعيلة : البحر الكامل

لِمَنِ الهوادِجُ في عَراءِ الهَوْجَلِ

تحتَ القِبابِ تَشُقُّ ذَيلَ القَسطَلِ

يَتَتَّبعُ الآثارَ قلبي خَلفَها

فلَوِ انثَنيْنَ وَطِئنَهُ بالأرجُلِ

أبراجُ أقمارٍ تَغيبُ نَهارَها

فيها وتَطلعُ في الظَّلامِ المُقبلِ

حَمّلننَي ما لو تَحَمَّلَ بَعضَهُ

حُمْرُ النِّياقِ لمَا نَهَضْنَ بمَحمَلِ

لي ذاتُ خِدرٍ بَينَهُنَّ أنا لَها

وأوَدُّ لو رَضِيَتْ فقالتْ أنتَ لي

قامَتْ تَصُولُ منَ الرِّماحِ بأبيضٍ

ومِنَ السُّيوفِ بأسوَدٍ لم يُصقَلِ

ولَقد أقُولُ لِمَنْ أقامَ بمَرْصَدٍ

ما كانَ ضَرَّكَ لو أقَمْتَ بمَعْزِلِ

أقصِرْ عَناكَ وحيثُ حَلَّتْ نِعمةُ الرْ

رُوحِ الأمينِ على مُحمَّدَ فانزِلِ

زُرْ ذلكُ الرَبْعَ الخصيبَ وقِفْ بهِ

يوماً وُقوفَ الآملِ المُتأمِّلِ

يومٌ يَحقُّ لهُ التَذَكُّرُ بعدَ ما

طالَ المَدَى لا يومُ دارةِ جُلجُلِ

هذا ابنُ رِسلانَ التَنُوخِيُّ الذي

هُوَ في السَرَاةِ منَ الطِرازِ الأوَّلِ

هذا الذي تُروَى مآثِرُهُ كما

يُروى الحديثُ عن النبيِّ المُرسَلِ

مَولىً يَظَلُّ السَّعدُ يَخدُمُ بابَهُ

ويَسيرُ حولَ رِكابهِ في الجَحفَلِ

غَلَبَ الطَّوالِعَ نَجمُهُ فتضاءلت

كالشَّمسِ تُزري بالسِّماكِ الأعزَلِ

فإذا مَشَى تَمشي المواكبُ خَلفَهُ

وإذا استَقَرَّ يَحُلُّ صَدرَ المَحفِلِ

وإذا تَكلَّمَ يُنصِتونَ كأنَّهُ

يدعو بآياتِ الكتابِ المُنزَلِ

مُتوَقِّدُ الأفكارِ لو بَرَزَت لنا

أغنَتْ عنِ المِصباحِ بالصُّبحِ الجَلي

يَرمِي صُروفَ الحادثاتِ بأسهُمٍ

منْ لحظِهِ فيُصِيبُ عينَ المَقتَلِ

ما زالَ يفعَلُ ما يَقولُ وإنني

في المدحِ لَستُ أقولُ ما لم يَفعَلِ

ما زلتُ كالرَّواي الأمينِ ورُبَّما

غَلَبَ الهُيامُ فكنُتُ كالمتُغَزِّلِ

بمُحمَّدٍ وأبي مُحمَّدَ أشرَقَتْ

دارُ الإمارةِ كالثُرَيَّا تَنْجَلي

فَرعٌ نشا من خيرِ أصلٍ طاهرٍ

والشهدُ لا يأتي بماءِ الحَنظَلِ

قابلتُهُ فإذا غُلامٌ أمرَدٌ

وخَبَرتُهُ فإذا بشيخٍ أكمَلِ

يَروي حديثَ الأوَّلينَ كأنَّهُ

من عهدِ طَسْمٍ شاهدٌ لم يَغفُلِ

أبصَرتُ مِن ألطافِهِ ما لم يَسعْ

لفظُ الرُواةِ فكانَ ما لم يُنقَلِ

ورأيتُ سِرَّ أبيهِ فيهِ مُصوَّراً

كالشَّخصِ يبدو مِن ورَاءِ سَجنجَلِ

إن لم تُصِبْ قدَمِي الحُلولَ بدارِهِ

فالقلبُ فيها نازلٌ لم يَرحلِ

هيَ أفضَلُ الأوطانِ عندي رُتبةً

ولذاكَ قد خَصَّصتُها بالأفضَلِ

دارٌ بها نَيلُ الفوائدِ والمُنَى

ولها العَوائِدُ في الجميلِ الأجمَلِ

لا غَيَّرَ الرحمنُ عادَتَهُ على

من لم يُغَيِّرْ عادةً لُمؤمِّلِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أرثي ويا ليت شعري من سيرثيني

المنشور التالي

أعرفت رسم الدار أم لم تعرف

اقرأ أيضاً