سَرَى جِنحَ ليلٍ والعُيُونُ هواجعُ
خَيَالٌ كَذُوبٌ عِندَهُ العَهدُ ضائعُ
خَيالُ التِّي لو أُنذِرَت بمَسيرِهِ
أقامَتْ عليه ألفَ بابٍ يُمانِعُ
فَتاةٌ حَكَتْ بدرَ الدُّجَى غيرَ أنَّها
تَبيتُ وَراءَ الحُجْبِ والبدرُ طالعُ
قدِ استُودِعَت قلبي فَضاعَ ويا تُرَى
مَتَى حُفِظَتْ عِند الحسانِ الوَدائعُ
هُوَ الصَّادقُ الخِلُّ الوَفيُّ الذي لهُ
أيادٍ جِسامٌ عِندَنا وصنائعُ
لهُ من قوافي الشِّعر جيشٌ عَرَمْرَمٌ
أتَتْنا إلى بيرُوتَ منهُ طلائعُ
قَوافٍ قَفاها أُنُسُهُ تابعاً لها
كما تَبِعَتْ ما قبلَهُنَّ التوابعُ
هيَ الزَّهْرُ لكنَّ الطُروسَ كمائمٌ
هيَ الزهْرُ لكنَّ السُطورَ مطالعُ
لَها مَنظَرٌ في العينِ أسَودُ حالكٌ
ولكنَّهُ في القلبِ أبيضُ ناصعُ
حَبانا بها طَلقُ البَنانِ مُهذَّبٌ
كريمٌ هَداياهُ اللآلي السواطعُ
أديبٌ بآياتِ البَلاغةِ مُفرَدٌ
لبيبٌ لأَشتاتِ الفضائلِ جامعُ
أخو الحَزْم ماضي الرأيِ في كُلِّ أمرِهِ
فليسَ لهُ في فِعلِهِ مَن يُضارِعُ
يَظَلُّ إليهِ مُسندَاً كلُّ طالبٍ
وذاكَ لهُ بينَ البَريَّةِ رافعُ
جَزَى اللهُ ماءَ النِّيلِ خيراً فإنَّهُ
شَرابٌ منَ الفِردَوسِ للناس نابعُ
شَرابٌ لأهلِ الله يَروى بهِ الظَما
ويَرَوى بما يُرويهِ دانٍ وشاسِعُ
كَفَى اللهُ مِصراً عن منافعِ غَيرِها
وفي غيرِها تَنبثُّ منها المنافعُ
مَحَطُّ رِحالِ العلمِ في كُلِّ حِقبةٍ
هيَ الأُمُّ والأقطارُ منها رواضعُ
أتُوقُ إلى تلك الدِّيارِ ومَن بِها
وهيهاتِ مالي في اللقاءِ مَطامِعُ
إذا قيلَ إنَّ المُستحيلَ ثلاثةٌ
فهذا لهاتِيكَ الثَلاثةِ رابعُ