ماذا جلبت لنا يا ليلة العيد

التفعيلة : البحر البسيط

ماذا جَلَبتِ لنا يا ليلةَ العيدِ

غيرَ البُكاءِ لأمرٍ غيرِ مردودِ

وَيلٌ لنا منكِ قد هَيَّمْتِنا طَرَباً

من رَنَّةِ النَّوحِ لا من رَنَّةِ العُودِ

لا أخَذَ اللهُ قلباً لم يَطِرْ أسَفاً

مني لشَخصٍ عظيمِ الشأنِ مفقودِ

قَدَّمتُ عنهُ غداةَ البينِ تَعْزِيةً

للحَزْم والعَزْمِ والإقدامِ والجُودِ

هذا الأميرُ أمينُ اللهِ مُضطَجِعٌ

في طَيِّ رَمسٍ منَ الأبراجِ محسودِ

قد أودَعَ اللهُ فيهِ خيرَ جَوهَرةٍ

في خيرِ كَنْزٍ بعينِ اللُطفِ مرصودِ

هذا الذي كانَ رُكناً يُستَجارُ على

كيدِ الزِّمانِ بِظِلٍّ منهُ ممدودِ

يُعطي الألوفَ ويَقتادُ الصُّفوفَ ولا

يَخشَى الحُتوفَ ويَلقَى كُلَّ صِنديدِ

هذا الذي كان في آرائهِ سَعَةٌ

كانتْ تَضيقُ عليها ساحةُ البيدِ

هذا الكريمُ الذي كانت مواهِبهُ

تُحيطُ بالنَّاسِ مثلَ العِقدِ بالجِيدِ

يا غَرْبَ لُبنانَ لا تَهتَزَّ مُضطَرِباً

وارفُقْ فإنَّ التَّناهي غيرُ محمودِ

صَبراً على نَكَدِ الدُّنيا التي اختَرَمَتْ

عاداً وغالت سُلَيمانَ بنَ داودِ

لا تَنتزِعْ عنكَ أثوابَ الحِدادِ على

مَن كانَ جودُ يَديَهِ غيرَ محدودِ

لا تَنسَ من كانَ لا يَنسَى الصَدِيقَ ولا

تَغفُلْ مَدَى العُمرِ عن نَوحٍ وتَعديدٍ

قد خانَكَ الدَّهرُ غَدراً في تَقَلُّبهِ

حتى ابتَدَلتَ الليالي البيضَ بالسُّودِ

كانت ليالي الهَنا مَعدودةً فَمضَتْ

وخَلَّفَتْ حُزنَ دَهرٍ غيرِ معدودِ

وَيلاهُ من هذهِ الأيَّامِ ما تَرَكَتْ

قلباً سليماً ورُكناً غيرَ مهدودِ

لا تَجمعُ الشَّمْلَ إلاّ كي تُبَدِّدَهُ

ما كانَ أغناهُ عن جَمْعٍ وتبديدِ

هذِهْ ذَخيرتُنا يا أرضُ فاحتَفِظي

بها إلى مَوقفٍ للبَعثِ مشهودِ

أنتِ الأمينُ على هذا الأمينِ فلا

تُسلِّمي نُورَ ذاكَ الوَجهِ للدُودِ

يا أيُّها القَبرُ هذا اليومَ فيكَ ثَوَى

أجَلُّ مَيتٍ وأبهَى كُلِّ مولودِ

احفظْ كَرامَةَ من كانت كرامتُهُ

تجري على الضَّيفِ جَرْيَ الماء في العودِ

ألقى إليكَ حمى لبنانَ واأسفا

من كانَ يُلقى إليه بالمقاليدِ

مَن شادَ مَجْدَ بني رَسلانَ من قِدَمٍ

مُجدِّداً مُلكَ لَخْمٍ أيَّ تجديدِ

ما زِلتُ أطمَعُ في طُولِ الحَياةِ لهُ

فكنتُ أخدَعُ نفسي بالمواعيدِ

وصارَ نظمُ المراثي بعدَ فَجْعتِهِ

مَكانَ نظمِ التَّهاني والأغاريدِ

يا مَن يَعِزُّ علينا أنْ نَصُوغَ لهُ

شِعراً بغيرِ مديحٍ فيهِ معهُودِ

صارَتْ لك اليومَ أمثالٌ مُضاعفَةٌ

وكانَ مِثلُكَ قبلاً غيرَ موجودِ

هذا الذي يَجعَلُ الألبابَ خاشِعةً

ويَصدعُ القلبَ من صُمِّ الجلاميدِ

منْ لم تُفِدْهُ منَ الأحياءِ مَوعِظةٌ

يُصغِي لوَعظٍ منَ الأمواتِ مسرودِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لاحت بوجه بديع الأنس ميمون

المنشور التالي

ما دام هذا اليوم يخلفه الغد

اقرأ أيضاً