جاءت رسالة إبراهيم سافرة

التفعيلة : البحر البسيط

جاءَت رسالةُ إبراهيمَ سافرةً

عن وجهِ لُطفٍ وإجمالٍ وإحسانِ

دلَّت على كَرَمِ الأخلاقِ شاهدةً

مثلَ الدَّعاوي التِّي قامت بُبرهانِ

هُوَ الجديرُ بتقديمِ الثَّناءِ لهُ

إذ كانَ في العُرْبِ فرداً مالهُ ثانِ

أحيا القريضَ الذي شالت نَعامتُهُ

من بين أهل البوادي مُنذُ أزمانِ

هُمُ الذينَ أصابوا غايةً قَصُرَتْ

عنها القبائلُ من قاصٍ ومن دانِ

يفنَى الزَّمانُ ويبلَى أهلُ مُدَّتِهِ

وذِكرُهمْ ليسَ بالبالي ولا الفاني

لهم أيادٍ مَضَت في كلِّ نابغةٍ

وغارةٌ نَشِبَت في كلِّ ميدَانِ

وحِكمةٌ سَطعَتْ في رأسِ كلِّ فتىً

لم يَتْلُ سِفراً ولم يجلِسْ بديوانِ

لا يبلغُ الشَّيخُ منَّا في مدراسِهِ

ما كانَ يبلغُ راعي المَعْزِ والضَّانِ

وليسَ يَنظِمُ بعدَ الجَهدِ مُحتفلاً

ما كانَ يجري على أفواهِ غِلمانِ

إني أشوقُ إلى تلكَ الدِّيارِ كما

شاقت منازلُ ميٍّ قلبَ غَيْلانِ

واشتهي شَمَّ أرواحِ العَرارِ بها

ومَنظَرَ الرَّنْدِ والقَيْصومِ والبانِ

أهوَى القرونَ الخوالي من عشائِرها

قِدْماً وأهوَى بَقاياهم إلى الآنِ

وابتغي سمعَ آثار تُذكِّرُني

عهدَ الذين مَضَوا من عَهد قَحْطانِ

يا أيُّها الخَلَفُ الجاري على سَلَفٍ

ما أنت بالمُعتدي ظُلماً ولا الجاني

النَّاسُ للشِّعرِ أضيافٌ تُلِمُّ بهِ

وأنت تَنزِلُ في أهلٍ وأوطانِ

إن فاتني منك يا عينُ الرِّضى نَظرٌ

من أعينٍ لم يفُتْني سمعُ آذانِ

والدَّهرُ يمَنَعُ كلَّ الطيِّباتِ فإن

ظَفرِتُ يوماً ببعضٍ منهُ أرضاني


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

حزن القلوب على الغريب غريب

المنشور التالي

من عاش في الأرض لا يخلو من الكمد

اقرأ أيضاً