أأنت أم أنا أم ما نلت من رتب

التفعيلة : البحر البسيط

أَأَنتَ أَم أَنا أَم ما نِلتَ مِن رُتَب

أَولى بِنَيل التَهاني يا اِبنَ خَير أَبِ

لَم أَدرِ مَن ذا أُهنّي فَالهَناءُ لَهُ

من نَفسِهِ بِكَ ما بِالمَجد مِنهُ وَبي

أَنا المُهَنّا بِما أُوليتَ مِن منحٍ

بِنَيل أَضعاف ما قَد نِلت مِن أَرَبِ

يا واحِداً ما ثَناهُ عَن مَقاصِدهِ

ثانٍ وَلا عاقَهُ المَقدور عَن طَلَبِ

بِرَغمِ كُلّ حَسودٍ ما حُبيتَ بِهِ

مِن المَناقب وَالعَلياء وَالرُتَبِ

إِن لَم تَكُن لِلعُلى أَهلاً فَلَيسَ لَها

في الناس أَهلٌ وَلا في السَبعة الشُهبِ

أَنتَ اِبن مَن لَو رَأتهُ الشَمس لاِحتجبت

مِنَ الجَلال عَن الأَعيان في حجبِ

مِن خَير بَيتٍ سَما عِزُّ الأَنامِ بِهم

مُنذُ اِصطَفى مِنهُمُ الرَحمَن خَير نَبي

بَنو لُؤَيٍّ لِواء الفَخر قَد نَشَروا

عَلى الخَلائق مِن عُجمٍ وَمِن عربِ

إِن كانَ فَخر بَني العَلياء في نَسَب

فَنَحنُ مَفخَر ذاكَ الفَخر وَالنَسَبِ

مَنِ المفاخرُ أَبناءَ الرَسول وَقَد

جاءَت مَحامِدهم في منزلِ الكُتُبِ

كُنّا وَكانَت يَد الأَقدار تَمنَعُنا

حَظّاً بِمَجدين مَوروث وَمُكتَسَبِ

حَتّى قَضى اللَه أَن نَبني الَّذي دَرَست

مِن مجدِنا عَثَرات الدَهر وَالنوبِ

سُدنا فَشدنا بِحَمد اللَهِ بَيت تقىً

تَسمو بِهِ لبناتُ العِزِّ لا الذَهبِ

بَيت سِوى الفَضل لَم يَرفَعهُ مِن عمدٍ

وَلَم يُثبّتهُ غَير البرّ مِن طنبِ

لِلّهِ درُّ اللَيالي في تَقَلُّبِها

كَم فَرَّجت عَن ذَوي الأَخطار مِن كربِ

تُبين لِلعَين ما في الناس مِن خدعٍ

حَتّى تَرى عَجَباً يَبدو مِنَ العَجَبِ

سوءُ السَريرة لَم يَترك لِصاحبه

ستراً فَيا شَرَّ مَصحوب وَمُصطَحبِ

بَليّتي وَالعَنا مِن مَعشَرٍ سمجٍ

كَأَنّ أَنبلهم ثَورٌ بِلا ذَنبِ

كَأَنّ بزَّة كُلٍّ فَوقَ جثّته

غمد نضار عَلى نَصلٍ مِن الخشبِ

هوان كُلّ كَليم بَينَهُم لسن

هَوان كُلّ كَليم القَلب مُغتَربِ

يا عُصبة لَيسَ فيهم مَن وَفيت لَهُ

بِخالص الودِّ إِلّا راح يَغدر بي

كُلُّ اِمرئٍ بِالأَذى مِنهُم أَبو لَهَبٍ

وَكُلُّ أُنثى بِهم حمّالة الحَطَبِ

إِنّي لأَرحم إِخوان الزَمان بِما

بِهِ اِبتلوا مِن قَبيح الزور وَالكَذِبِ

لا عَن رضىً قامَ فيهم ما بِهِ اِتَّصَفوا

وَإِنَّما داؤُهُم ضَرب مِن الوَصَبِ

يا نَفس لي أسوة بِالرُسل فاِدّرعي

بِالصَبر وَاِعتَصِمي بِاللَهِ وَاِحتَسِبي

لَسَوفَ يَعلم قَومي أَنّ مَن جَهلوا

مِقداره هُوَ فيهم دُرّة اليلبِ

مَن كانَ لَيسَ لَهُ إِلّا الغِنى حَسبا

فَإِنّ عاطر ذِكري بِالثَنا حَسبي

يا ذا الَّذي ظَنَّ بي ما فيهِ مِن عوج

إِنّي أَنا الشَمس فاِنظر ظلَّ نَفسك بي

أَنا الَّذي ساد أَصلاه وَمفتخري

أَنّ اليَراعَةَ أُمِّي وَالحُسام أَبي

وَأَنّ خَير فَتىً في قَومِهِ شيماً

أَخي وأنزه أَخلاقاً عَن الرِيَبِ

من لَقّبتهُ المَعالي رفعة وَأَبَت

تَلقيبه بِسوى ما فيهِ مِن نسَبِ

مُحمّدٌ لَو وَفاه الحَمد قُلت لَهُ

يا خَير مَن حازَ خَير الإِسمِ وَاللَقَبِ

يا مورِداً سَيفَهُ الظَمآن مِن عَلَق

وَمصدراً رُمحَه الرَيّان مِن لببِ

وَقائِماً وَهوَ فَرد مِن جَلالته

في مَحفَلٍ حاشِدٍ أَو جَحفل لَجِبِ

وَباسِطاً يَدَ جودٍ بَعض أُنمُلَةٍ

مِنها يَنوبُ عَن الأَنواءِ وَالسُحُبِ

وَباذِلاً نَفسَ حرٍّ باسِلٍ أَنفٍ

نَدبٍ لِصَون حِمى العَلياء مُنتَدبِ

فَتىً إِذا ما صَهيل الخَيل طَنَّ عَلى

آذانِهِ رَنَّحَتهُ هَزَّةُ الطَرَبِ

لا يرهبُ المَوتَ مَن لو سلَّ صارمهُ

لِلمَوت ضاقَت بِهِ الدُنيا عَن الهَرَبِ

وَلا يَهاب الرَدى مَن لَو تمثّل لِلر

رَدى لِنادى بِهِ بِالوَيل وَالحَربِ

شَهمٌ إِذا طاشَ سَهم الفكر في مَلأ

آراؤُهُ لَم تَطِش سَهماً وَلَم تَخِبِ

فَخر السراة وَعزُّ الصافِنات بِهِ

وَالسَمهَريّة وَالهنديّة القضبِ

يَسري وَبَدر المَعالي مِن أسرَّتهِ

يَبدو فَيحجب بَدراً غَير مُحتجبِ

وَيَزجر الخَيل تَعدو بِالكَتائِبِ مِن

جُردِ السَلاهب وَالمهريّة النجُبِ

من كُلِّ وَجناء غَرّاءٍ مُسوَّمةٍ

تَعدو فَتَقوى فَلا تَدنو مِن النَصبِ

طَويلَة الباع وَالأَعناق في سَعَةٍ

قَصيرةِ الصُلبِ وَالمَصفود وَالعسبِ

من الجِياد عَلَيها كُلُّ مُعتَقل

بِمثلِهِ غَير مِذهالٍ وَلا وَعِبِ

مِن كُلِّ قِرنٍ عَن الفَحشاء مُبتعدٍ

وَكُلِّ قرمٍ إِلى الهيجاءِ مقتربِ

يُبكي المَواضي نَجيعاً كُلَّما اِبتَسَمَت

بِكَفِّهِ فَيَلوح البشرُ في الغَضَبِ

بَأسٌ إِذا ما اِلتَقى الجَمعان في رَهجٍ

أَغناهُ عَن مُرهَف الحَدَّين ذي شطَبِ

لِلّهِ يَوم بِسوق الحَرب إِذ لَعِبَت

أَبطالُنا بِمَجالٍ لَيسَ بِاللَعبِ

يَومٌ بِهِ تَقِفُ النَكباءُ مِن دَهش

وَالشَمس تَجري فَتَعيا فيهِ مِن لَغبِ

وَالخَيل تَعثر بِالقَتلى كَأَنَّهُمُ

أَعجاز نَخل خَوَت في سالف الحقبِ

مِن كُلِّ علج عَلَيهِ مِثل جثَّتِهِ

سَوابِغٌ حَملها أَعياهُ عَن هَرَبِ

منَ الحَديد مَتى نار الوَغى اِضطَرَمَت

كادَت تَذوب عَلى الأَجساد مِن رَهبِ

ما زالَ يَطعَن بِالأَعقابِ عامله

وَالمشرفيُّ يَذكّيهم عَلى النُصُبِ

من كُلِّ أَسمر زاهي القَدِّ مُعتَدلٍ

وَكُلِّ أَبيضَ باهي الخَدّ مُختضبِ

قاضٍ عَلى مِنبرِ الهاماتِ في يَدِهِ

بِالخَطبِ نَسمَع مِنهُ أَبلَغ الخُطَبِ

حَتّى إِذا لَم يَدَع عَوناً لِمُلتَجئٍ

مِن الكماةِ وَلا عَيناً لِمُرتَقِبِ

سَطا فَأَشبَع ما في الطَير مِن خمصٍ

مِنهُم وَأنقع ما في الوَحش مِن سَغبِ

قُل لِلمُناظِرِ دَع ما تَدّعي سَفهاً

فَهَل يُناطح قرن الشَمس غَير غَبي

هَب أَنَّ ما حزتما صنوان مِن ثَمَرٍ

شَتّانَ ما بَينَ بُسرِ النَخل وَالرطبِ

يا زَهرة الكَرم قَد ذَبَّبتَ عَن حَمق

وَلَست مِن حصرمٍ يَوماً وَلا عنبِ

يَسعى الجهولُ فَيَرجو نَيل راحَتِهِ

وَقَد مَلا راحَتيهِ الجَهل بِالتَعَبِ

وَطالَما طمعُ المُغتَرِّ أَوردهُ

مِمّا السَلامَةُ فيهِ مورد العطبِ

كَالآلِ يَجهدُ ظَمآناً يُيمّمهُ

وَالماءُ في مِصرَ وَالظَمآن في حَلَبِ

وَخُلَّبُ البَرق يُغري كُلَّ ذي هَوَسٍ

بِمائِهِ وَهوَ عافٍ مِن سِوى اللَهبِ

وَالسحبُ تَجري جهاماً وَهيَ قائِلَة

ما كُلُّ ضرعٍ بِهِ دَرٌّ لِمحتلبِ

هِيَ الأَمانيُّ كَالأَحلام تخدعُ بِال

أَوهام آمالَ نَفسِ الخادع الوَربِ

مَولايَ يا مَن نَرى أَيّامنا سَعُدت

بِهِ فَلا اِنقَلَبت عَن خَير مُنقلبِ

يا جَوهَراً ثَغر بَيروت يُزانُ بِهِ

كَما تُزانُ ثُغورُ الغيدِ بِالشنَبِ

عرت خلالكَ عَن عارٍ فَأَلبَسَها ال

باري حُلى الأَشرَفين الحلم وَالأَدَبِ

حَتّى اِستَوَيتَ عَلى عَرش الفَضائِلِ في

حُسنِ الشَمائل لا بِالمال وَالنشبِ

فَكُنت لِلرُتبةِ الغَرّاءِ خَير فَتىً

لِلمَجد مُنتَبِهٍ لِلحَمد مُنتَهبِ

إِلَيكها مِن بَناتِ الفكر قَد بَرَزَت

مِن سِجفِها وَأَماطَت أَلطَف النُقبِ

خودٌ مِن العرب المستعربين أَباً

يَسمو مِن العربِ العرباءِ كُلّ أَبِ

عَذراءُ تَفخر في أحسابها وَتَرى

أَنسابها مُنتمى عِزٍّ لِمُنتَسبِ

أَمّت حمى قُرشيٍّ شَمسُ غُرَّتهِ

ما أَدرَكَت نجم مُغترٍّ فَلَم يَغبِ

رَقَّت فَكانَت لَديهِ حرَّة فَأَتَت

بِكُلِّ مُنتَخَبٍ في مَدحِ مُنتَخبِ

مِن كُلِّ مَعنىً مِن الإنسيِّ مُجتَلَبٍ

وَكُلِّ لَفظ عَن الوَحشيِّ مُجتَنَبِ

جَرَت إِلَيكَ وَجَرَّت ذَيل مُفتَخرٍ

أَبهى جَرير عَلى سحبانَ منسحبِ

لِلّهِ درّ العُلى في كُلِّ مكرمَةٍ

أَفلاكها مِنكَ قَد دارَت عَلى قُطبِ

فَأمر زَمانك وَاِنظُر حُسن طاعَتِهِ

وَاِزجره يَخضَع وَقُل يَسمَع وَسَل يُجبِ

وَاِسلم وَدُم شَمسَ عِزٍّ لا مَغيبَ لَها

يا مَن مَتى تَلقه شَمسُ الضُحى تَغبِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

توسلت للرحمن أدعو بعبده

المنشور التالي

مطالع سعد قد تجلت كواكبه

اقرأ أيضاً