لَمّا شَدَتِ الوُرقُ عَلى الأَغصانِ
بَينَ الوَرَقِ
ماسَت طَرَباً بِها غُصونُ البانِ
كَالمُغتَبِقِ
الطَيرُ شَدا
وَمَنظَرُ الزَهرِ بَدا
وَالقَطرُ غَدا
يوليهِ جوداً وَنَدى
وَالجَونُ حَدا
وَمَدَّ في الجَوِّ رِدا
وَالنَرجِسُ جَفنُ طَرفِهِ الوَسنانِ
لَم يَنطَبِقِ
بَل باتَ إِلى شَقائِقِ النُعمانِ
ساهي الحَدَقِ
يا لَيلَةً بِتنا وَبِها العِزُّ مُقيم
ما بَينَ حِياضٍ وَرياضٍ وَنَسيم
ما أَمهَلَنا الصُبحُ لِنَحظى بِنَعيم
لَكِن تَجَلَّت عَلى الظَلامِ الواني
شَمسُ الأُفُقِ
حَتّى خَضَبَت مِنَ النَجيعِ القاني
سَيفَ الشَفَقِ
لَمّا شَهَرَ الرَبيعُ في الأَرضِ نِصال
بِالخِصبِ سَطا في مَعرِكِ المَحلِ وَصال
وَالزَهرُ ذَكا وَأَكسَبَ الريحَ خِصال
وَالغَيثُ هَمى بِوَبلِهِ الهَتّانِ
بَينَ الطُرُقِ
مِن مُحتَبِسٍ في سَرحَةِ الغُدرانِ
أَو مُنطَلِقِ
أَهدَت لي أَنفاسُ نَسيمِ السَحَرِ
ما أَودَعَها طيبُ أَريجِ الزَهَرِ
لَم أَدرِ وَقَد جاءَت بِنَشرٍ عَطِرِ
بِالزَهرِ غَدَت مِسكِيَّةَ الأَردانِ
لِلمُنتَشِقِ
أَم أَكسَبَها نَشرُ ثَنا السُلطانِ
طيبَ العَبَقِ
مَلكٌ كَفَلَت أَكفانُهُ كُلَّ غَريب
كَم أَبعَدَ بِالنَوالِ مَن كانَ قَريب
يَنأى خَجَلاً كَأَنَّهُ مِنهُ مُريب
عَن حَضرَتِهِ الحَياءُ قَد أَقصاني
لا عَن مَلَقِ
بَل أَبعُدُ عَن مَواقِعِ الطوفانِ
خَوفَ الغَرَقِ
لَولا عَزَماتُ المَلِكِ الصالِحِ ما
شاهَدتُ حِمى الشَهباءِقَد صارَ حِمى
إِنَّ صالَحَ ما يَعصي وَإِن صالَ حَمى
إِن شاهَدَ بَأسَهُ ذَوو التيجانِ
تَحتَ الحَلَقِ
مِن هَيبَتِهِ خَرّوا إِلى الأَذقانِ
مِثلَ العُنُقِ
قَد أَوجَدَني نَداهُ بَعدَ العَدَمِ
إِذ صانَ عَنِ الأَنامِ وَجهي وَدَمي
لَم أَصفُق كَفّي عِندَهُ مِن نَدَمِ
لَو شِئتُ لِهامَةِ السُهى أَوطاني
عِندَ الغَرَقِ
لَولاهُ لَما سَلَوتُ عَن أَوطاني
بَعدَ القَلَقِ
يا اِبنَ المَلِكِ المَنصورِ يا خَيرَ خَلَف
يا مَن هُوَ أُنموذَجُ مَن كانَ سَلَف
كَم أَتلَفَ كَنزَ المالِ مِن غَيرِ تَلَف
إِذ فَرَّقَ ما حَوى مَدى الأَزمانِ
بَينَ الفِرَقِ
فَالمالُ فَني وَكُلُّ شَيءٍ فانِ
وَالذِكرُ بَقي
إِسعَد بِدَوامِ المُلكِ لا زِلتَ سَعيد
إِذ أَنتَ أَجَلُّ مِن أَن أُهَنّيكَ بِعيد
هُنّيتَ وَلا بَرِحتَ تُبدي وَتُعيد
تُبدي لِذَوي الرَجاءِ وَالإِخوانِ
حُسنَ الخُلُقِ
إِذ فيكَ كَمالُ الحُسنِ وَالإِحسانِ
لَم يَفتَرِقِ