خَفِّض هُمومَكَ فَالحَياةُ غُرورُ
وَرَحى المَنونِ عَلى الأَنامِ تَدورُ
وَالمَرءُ في دارِ الفَناءِ مُكَلَّفٌ
لا قادِرٌ فيها وَلا مَعذورُ
وَالناسُ في الدُنيا كَظِلٍّ زائِلٍ
كُلٌّ إِلى حُكمِ الفَناءِ يَصيرُ
فَالناسُ وَالمَلكُ المُتَوَّجُ واحِدٌ
لا آمِرٌ يَبقى وَلا مَأمورُ
عَجَباً لِمَن تَرَكَ التَذَكُّرَ وَانثَنى
في الأَمنِ وَهوَ بِعَينِهِ مَغرورُ
في فَقدِنا المَلِكَ المُؤَيَّدَ شاهِدٌ
أَلّا يَدومَ مَعَ الزَمانِ سُرورُ
مَلِكٌ تَيَتَّمَتِ المُلوكُ بِرَأيِهِ
فَكَأَنَّهُ لِصَلاحِهِم إِكسيرُ
مِن آلِ أَيّوبَ الَّذينَ سَماحُهُم
بِحرٌ بِأَمواجِ النَدى مَسجورُ
أَضحَت مَدائِحُهُ الحِسانُ مَراثِياً
لِلناسِ مِنها رَنَّةٌ وَزَفيرُ
وَبَكَت لَهُ أَهلُ الثُغورِ وَطالَما
ضَحِكَت لِدَستِ المُلكِ مِنهُ ثُغورُ
أَمسى عِمادُ الدينِ بَعدَ عُلومِهِ
وَلِطِبِّهِ عَمّا عَراهُ قُصورُ
وَإِذا القَضاءُ جَرى بِأَمرٍ نافِذٍ
غَلِطَ الطَبيبُ وَأَخطَأَ التَدبيرُ
وَلَوَ اَنَّ إِسماعيلَ مِثلُ سَمِيِّهِ
يُفدى فَدَتهُ تَرائِبٌ وَنُحورُ
إِن لُمتُ صَرفَ الدَهرِ فيهِ أَجابَني
أَبتِ النُهى أَن يُعتَبَ المَقدورُ
أَو قُلتُ أَينَ تُرى المُؤَيَّدُ قالَ لي
أَينَ المُظَفَّرُ قَبلُ وَالمَنصورُ
أَم أَينَ كِسرى أَزدَشيرُ وَقَيصَرٌ
وَالهُرمُزانِ وَقَبلَهُم سابورُ
أَينَ اِبنُ داوُدٍ سُلَيمانُ الَّذي
كانَت بِجَحفَلِهِ الجِبالُ تَمورُ
وَالريحُ تَجري حَيثُ شاءَ بِأَمرِهِ
مُنقادَةً وَبِهِ البِساطُ يَسيرُ
فَتَكَت بِهِم أَيدي المَنونِ وَلَم تَزَل
خَيلُ المَنونِ عَلى الأَنامِ تُغيرُ
لَو كانَ يَخلُدُ بِالفَضائِلِ ماجِدٌ
ما ضَمَّتِ الرُسلَ الكِرامَ قُبورُ
كُلٌّ يَصيرُ إِلى البِلى فَأَجَبتُهُ
إِنّي لَأَعلَمُ وَاللَبيبُ خَبيرُ