رجز الغربة

التفعيلة : حديث

يا غُرْبَتي

يا غُرْبَةَ المغْتَرِبِ عن دارِهِ أو غُرْبَةَ المقْتَرِبِ

من نَفْسِهِ التي تَظَلُّ تَخْتَبي

يُرِيغُها كَذَا بِدُونِ سَبَبِ

كَأَرْنَبٍ يَعْدُو وَرَاءَ أَرْنَبِ

أَوْ رُبَّمَا يَعْدُو وَرَاءَ ثَعْلَبِ

كَمْ طَالِبٍ مِنْ جَهْلِهِ بِالمطْلَبِ

يَدْفَعُهُ مَطْلَبُهُ للعَطَبِ

حَدِيقَةٌ جَمَالُها كَالقُطُبِ

يُدِيرُني مِنْ حَوْلها تَعَجُّبي

كَأَنَّ مِقْلاعَاً كَبِيراً دَارَ بي

فَصِرْتُ مِثْلَ المبعَدِ المنْجَذِبِ

أَرْعَى تَنَاقُضَاتِ قَلْبٍ قُلَّبِ

كَأَنَّه سِرْبُ قَطاً في رُعُبِ

كأنَّني عَنِ الرِّياضِ أَجْنَبي

هَلْ نَحْنُ أولادُ البراري يا أبي؟

ما كان بيتي بالخِبا المُطَنَّبِ

ولم أصِفْ عَيْنَ المها مِنْ كَثَبِ

بل صَحَرائي صَحَراءُ الكُتُبِ

كما رَوَاها الشُّعَرَاءُ وَالنَّبي

وَنَحْنُ أَهْلُ جَبَلٍ مُعْشَوْشِبِ

كَأَنَّهُ مِنْ دَهْرِهِ في طَرَبِ

أَخْضَرُهُ مُلْتَبِسٌ بِالذَّهَبي

زَيْتُونُهُ طِفْلٌ بِزِيِّ أَشْيَبِ

يَخُطُّ فَوْقَ فَمِهِ كَالشَّنَبِ وَيَدَّعِي عُمْراً

طَوِيلَ الحِقَبِ لَهُ جَلالٌ وَهْوَ مِنْ بَعْدُ صَبي

فكيفَ خَوْفي مِنْ رِياضِ الغُرُب

وما تَوَاضُعِي وما تَحَسُّبي

وَمَا تَوجُّسِي وَمَا تَرَقُّبي

وما تَلَفُّتي كَفِعْلِ المذْنِبِ

لستُ ضَئِيلاً لا ولا غَيْرَ أَبِي

ولا فَقِيراً أَوْ هَزِيلَ النَّسَبِ

لَكِنَّها ذَاتُ الهَوَى المُنْقَلِبِ

حَدِيقَةٌ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبِ

حَدِيقَةٌ كَكَوْكَبٍ في كَوْكَبِ

امْرَأَةٌ قَدْ تُوِّجَتْ بِالشُّهُبِ

مُشِيرَةٌ بِمِشْعَلٍ مُلْتَهِبِ تَرْكَبُ فَوْقَ وَحْشِهَا المُرَكَّبِ

مُرَكَّبٍ مِنْ أَلْفِ أَلْفِ مَرْكَبِ بِمِئَتَيْ رَأْسٍ لَهُ وَذَنَبِ

وَكُلُّ رَأْسٍ لملِيكٍ أَحْدَبِ

مُتَوَّجٍ بِتَاجِهِ مُعَصَّبِ

مِنَ الصَّفِيحِ الليِّنِ المُذَهَّبِ

وَلِبْدَةٍ في عُنُقٍ وَمِنْكَبِ

لَكِنَّها مِنْ زَرَدٍ مُقَطَّبِ

يُمْسِكُ رَايَةً بِكُلِّ مِخْلَبِ

والبَحْرُ تَحْتَهُ كَثِيرُ الغَضَبِ

قَدْ صَرَّهُ في صُرَّةٍ مِنْ قِنَّبِ

فالوحشُ فَوْقَ كُرِةٍ مِنْ عَجَبِ

يَلْعَبُ في غَيْرِ مَقَامِ اللّعِبِ

يَضْرِبُها بِمِخْلَبٍ مُدَبَّبِ

كَأَنَّهُ يَقُولُ للمَاءِ اْهْرُبِ

لَكِنَّهُ خَافَ فَلَمْ يَنْسَكِبِ

امْرَأَةٌ مَرَّتْ كَنَصٍّ أَدَبِي

مِنْ قَبْلِ خَلْقِها عَلَى مُصَوِّبِ

مَنْظُومَةٌ لم تُخْتَصَرْ أَوْ تُطْنَبِ

لا كَاْرْتِجَالٍ بِلِسَانٍ ذَرِبِ

امْرَأَةٌ تَحْكُمُ سَيْرَ السُّحُبِ

بِلَفْتَةٍ مِنْ جَفْنِها وَالهُدُبِ

مَتَى تَقْلْ للصَّخْرِ يَنْسَبْ يَنْسَبِ

أَوْ تَسْبِ حُرَّاً مِنْ ذَوِيهِ يَنْسَبِ

أَوْمَتْ إليَّ عَيْنُها بالمَرْحَبِ

في يَدِها اليُمْنَى

رَحِيقُ العِنَبِ

وَفي اليَدِ اليُسْرَى دِمَاءُ العَرَبِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أمل

المنشور التالي

انكم تغلبون عدوكم بهذا الدين

اقرأ أيضاً