نهايةُ ما سَما لعُلاكَ أرْضُ
وأشرفُ ما زَكا لنَداك بَعْضُ
تَقاصرَ دونَ هِمَّتك ارتفاع
وضاق ببعضها سعةٌ وعرض
جرتْ بمُرادِ بُغْيَتِك الليالي
فعَنْها صَحَّ إبرامٌ ونَقْض
ولا تَتَصرَّف الأقدارُ مالم
يَصِحَّ لجيِشهنَّ لديك عَرْض
ونفسُك ليس تُسْتَهْوَى بفانٍ
ولا يغتالُها مِقَةٌ وبُغض
وعِقْد الفضلِ منظومُ اللآلى
لديها لا يُفَكُّ ولا يُفضُّ
لغُرّةِ وجهِك الميمون نورٌ
لعين الشمس تحتَ سَناهُ غَض
كأن ملوكَ أهلِ الأرض نَفْلٌ
إذا اعتمدوا الفَخار وأنت فَرْض
نفوسهمُ وما مَلكْته منه
لكفك يستفاد ويُسْتَنَض
إذا افتخروا بمُلْكٍ ثم ملكٍ
فمِنْك كلاهما لا شكَّ قَرْض
فلو تسطو الأكفُّ لأخذِ شيءٍ
وأعقبَ فيه نَهْيُك عَزَّ قبض
يُسكِّن أمرُك الحركاتِ منهم
فيخفُت خوفَه نفَس ونَبْض
وكم لثم الترابَ لديه منهم
عزيزٌ طبعُه أنَفٌ ورَفْض
فَجُدتَ عليه بالنِّعَم اللواتي
عَظُمْنَ لديه وهْي لديك بَرْض
فقد ناداهمُ جَدْواك حتى
حَداهم نحوه سَعْى وركض
وفَرْضُ السعىِ محتوم عليهم
إليك وقد أَتَوا زُمَرا ليَقْضُوا
بقاؤك زهرةُ الدنيا فمهما
بقيتَ فعيشُنا خصب وخَفْض
ولولا أنت لم يُلْمِم بعينٍ
لمخلوقٍ من الثَّقَلين عمض
ولم تسكن نفوسٌ في جسومٍ
ولم يَثْبُت لأعظمهن مَخْض
رعيتَ الدين والدنيا بعدل
فحبُّك في قلوب الخَلْق مَحْض
فنَبْتُ رياضِ جودك للأماني
نُضَارٌ جَلَّ لا طَلْح وحَمْض
لسيفِ الأفضلِ ارْتعَب المنايا
وقد أودى بها الخوفُ المُمِض
غداةَ تراهُ والأُسد الضَّوارى
لها من حوله وَثْبٌ ورَفْض
يشقّ بها مَثارَ النّقعِ طيرٌ
لها فوق الثَّرَى صَفٌّ وقَبْض
أسودٌ في أَكُفِّهمُ صِلالٌ
لها نَهْشٌ تُميت به وعَض
كَفاكَ الرعبُ أنْ تَلْقَى عدوا
وقد عاداه مَضْجَعَه الأَقَضّ
ومهما مَرَّ شاهِنْشاه ذِكْرا
أطار فؤادَه هَمٌّ ونَفْض
أبوك مغيثُ هذا الدينِ قِدْما
غداةَ له من الطَّاغين دَحْض
تَداركَ نَصْرَه بدِراكِ ضربٍ
تُقَدُّ به الجَماجمُ أو تُرَضّ
وعَوَّذَه بها بِيضا حِدادا
يُناسبُها له عزمٌ وعِرْض
فقَدْرُك لا يجوز عليه خَفْضٌ
إلى أنْ يدخلَ الأفعالَ خَفْض
وعصرُك زهرةُ الدنيا وباقي
عصورٍ قد خلتْ حَلَبٌ ومَخْض
فأعراسُ المَسرَّةِ فيه شتى
وأبكار المَحاسن تُسْتَقَض
ليَهْن العيد أنْ وافاك فيه
وملكُك زاهرُ الأَكْناف بَض
بقيتَ بقاءَه ما دام يجرى
به في حَلْبة التكوين نهض
وقَدْرُك في سماءِ الفخر سامٍ
وعيشُك في رياضِ العِزّ غَض