هذه القصة حدثت في عهد الخليفة المنصور وكان الخليفة يقيم مجلس للشعر والشعراء واشترط على الشعراء أن يأتوا بقصـيده لم يسمعها قط ويعطيهم عيها وزنها ذهب.
وكان الخليفة يحفظ القصيده اذا سمعها من أول مره وكان عنده غلام يحفظ القصيده اذا سمعها من ثاني مرة وعنده جاريه تحفظ القصيده اذا سمعتها من ثالث مرة فكان كل مرة يأتيه شاعر ويلقي قصيدته يقول الخليفه إنها قصيدة قديمه وانا سمتعها واحفظها وقام الخليفه وألقى القصيده له فالشاعر متفاجئ لم يصدق قال الخليفه لم تصدق نادوا على الغلام وجاء الغلام وقال الخليفه هل سمعت هذه القصيده قال نعم سمعتها وقام وألقى القصيده أمامهم والشاعر لم يحرك ساكنا فقال الخليفة نادوا على الجاريه فقال للجارية هل سمعتي هذه القصيده قالت الجارية نعم وقامت وألقت القصيدة فقال الخليفة للشاعر إذا فأنت تسرق الأشعار اخرج ولا ترجع لي فكان كل ما يأتيه شاعر عمل الخليفة نفس الفعل حتى لا يعطيهم الذهب فالشعراء أفلسوا وكان ترا رأس مالهم ألسنتهم .
وفي يوم من الايام عندما كان معظم الشعراء جالسين مجلسهم دخل عليهم الأصمعي وقال مابكم هكذا فأخبروه بالقصة وقالوا كلما نعد قصيدة ببطن ليل وننسجها من بنات أفكارنا ونأتي لنعدها للخليفه نجده حافظا لها هو وغلامه وجاريتة فقال الأصمعي: إن في الامر لحيلة.
فأعد قصيدته الشهيرة ودخل على الخليفة في مجلسه متنكرا واضاعا عباءة على وجهه حتى لا يعرفه أحد فقال للخليفة إن عندي قصيدة سألقيها عليك فقال الخليفة أتعرف الشروط قال نعم اعرفها قال فألقها علينا
فقال الأصمعي:
صـــوت صفير البلبلي **** هــيـج قلبـي الـدم لـي
المـــــاء والزهــر مـعا **** مع زهـــــر لحظ المقلي
وانــت يـا ســـيد لــي **** وســــيــدي ومــولـلـي
فــكم وكـــــم تيـمنـي**** جـــزيل عـقـــــيـقــلـي
قطـفـــتـه مـن وجــنة **** من لـثم ورد الخجــــلي
فـقـــــال :لا لا لا لا لا **** فـقـد غــدا مــــهرولـي
والخــــــود مالـت طربا **** من فعــــــل هذا الرجل
فـولوَلـت وولـــــــولـت **** ولــــي ولــي يا ويـلـلي
فـقلـت : لا تـــولـولي **** وبــيِّـنـــــي اللـؤلــؤ الـي
قالت : له حين كــــذا **** انهـــــــــض وجـد بالنقلي
وفـتـيــة ســقـونـــني **** من قــهـوة كــالعســلي
شـــمـمـتهـا بـأنـــفـي **** أزكــى من القـرنفـــلي
في وسط بستان حلي **** بـــزهــرٍ والسرور لـي
والعـود دنــــدن دنــلـي **** والطــبل طـبطب طبلـي
والسقف سقسق سقلي **** والرقـص قد طـاب الي
ولـو تــــــــــراني راكـــبا **** عـلى حـــــــمار أهزلـي
يمشــي عـلى ثــلاثــــة **** كمـشـــــيـة العـرنـجـلي
والـنـــاس ترجـم جـملي **** في السوق بالقبـقـلـــلي
والـكـــــــل كــــع كع إكع **** خـــلفـي ومن حـــويللي
لــــــــكـن مشيتها هاربا **** مـن خــشيـة العـقـنقـلي
إلــى لـقــــــــاء مــــلـك **** مـعـضـم مـبــجـــــــــلــي
يأمـــــر لــي بـخــلـعـــة **** حــــــــــمــرا كَـدَمِّ دُمّـلي
أجـــــــر فــيــها ماشــيا **** مـــبـــغــددا لـــذيـــــلـــي
انا الأديب الألــــمـــعـي **** من حي أرض الموصلي
نظــــــمت قطعا زخرفت **** يــعجــز عــــنـها الأدبلي
أقــــول فــي مطلــعــها **** صـــوت صفــير البلـبــل
وبعد ما انتهى الاصمعي من قصيدته حاول الخليفة أن يجمع شي من القصيده فلم يستطلع إلا صوت صـفير البلبلي وقال نادوا على الغلام قال: ياغلام هل تحفظ القصيده قال لا والله فقال: نادوا على الجاريه ياجاريه هل سمعت القصيدة من قبل قالت لم أسمعها من قط فقال الخليفه: يا أعرابي ما رزقك الا من عند لله هات ما كتبت عليه القصيده قال لقد كتبتها على لوح من الرخام وأريد من يساعدني على حمله وبعد وزنه للرخام اخذ الأصمعي كل ما في خزينة الدولة من ذهب من ثقل الرخام وبعد ماخرج الاعرابي قال أحد الجالسين في مجلس الخليفة والله إنه للأصمعي فقال الخليفة: إإتوني بالأعرابي فلما جاء قال للأعرابي أزل العباءة من وجهك فلما ازالها ظهر الأصمعي فقال الخليفه أعد الذهب فقال الأصمعي: أرجعها على شرط قال الخليفه: ما هو ؟؟ قال: أن تعطي كل شاعر اتاك ثمن قصيدته
اقرأ أيضاً
أعقبك الله صحة البدن
أَعقَبَكَ اللَهُ صِحَّةَ البَدَنِ ما هَتَفَ الهاتِفاتُ في الغُصُنِ كَيفَ وَجَدتَ الدَواءَ أَوجَدَكَ اللَ هُ شِفاءً بِهِ مَدى…
يا صروف الدهر حسبي
يا صُروفَ الدَّهرِ حَسْبي أَيُّ ذَنْبٍ كانَ ذَنْبي طَرَقَتْني نائباتُ الد دَهْر في إِعلالِ حبِّي عِلَّةٌ عَمَّتْ وخَصَّتْ…
وقد غشي النبت بطحاءه
وَقَد غَشِيَ النَبتُ بَطحاءَهُ كَبَدوِ العِذارِ بِخَدٍّ أَسيلِ وَقَد وَلَّتِ الشَمسُ مُحتَثَّةً إِلى الغَربِ بِطَرفٍ كَحيلِ كَأَنَّ سَناها…
أمتي هل لك بين الأمم
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم أتلقاك وطرفي ….. مطرق خجلا من أمسك المنصرم ويكاد…
ما لي أرى السيد المخدوم يكثر من
ما لي أَرى السَيّد المَخدوم يُكثر مِن هَذا الصِيام أَما للفطر مِن عيدِ فداهُ نَفسيَ صَوم العام مهلكة…
كالشمس من جمرة عبد شمس
كالشمس من جمرة عبد شمسِ غضبى سخت نفسي لها بنفسي ماطلةٌ غريمها لا يَقتضي ديونَه ودَينَها لا يُنسِي…
يا من يدير نرجسا
يا مَن يُديرُ نَرجِساً في وَردِ وَجهٍ ذابِلا أَصبحَ جِسمي مُدنفاً مُذ غِبتَ عَنّي ذا بِلى