هو مثل شعبي منتشر في الجزيرة العربية ، ويعني أن لاشيء يستطيع التأثير في الحديد إلا الحديد نفسه ، ويطلق على كثير من الوقائع والأحداث التي تقع في الحياة ، فحينما تؤرق المرأة زوجها وتنغص عليه عيشته ، قد ينصحه أحدهما بالزواج بأخرى أو حتى بتهديد الزوجة بذلك ، قائلًا : يا أخي لا يفل الحديد إلا الحديد ، أي لا يقهر المرأة إلا امرأة مثلها ، وللمثل قصة وقعت في عهد الدولة العباسية .
قصة المثل :
أثناء حكم الخليفة العباسي هارون الرشيد للدولة الإسلامية ، خرج الوليد بن طريف التغلبي وفتك بإبراهيم بن خازم والي هارون الرشيد بالجزيرة ، ولما اشتد ساعده وقويت شوكته ، دخل أرمينية وحاصرهم عشرين يومًا وكي يخلصوا أنفسهم من الأسر، افتدوا أرواحهم بثلاثين ألف .
وبعدها اتجه إلى أذربيجان وحلوان وأرض السواد ، وفعلوا مثل أهل أرمينية فقد فتدوا أنفسهم بمائة ألف ، وهكذا استمر الوليد في عمليات التخريب والقتل ، حتى ضاق به الخليفة ذرعًا وبحث عمن يساويه في القوة والشجاعة ، فلم يجد أفضل من ابن عمه الفارس المغوار والمقاتل الشجاع يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني البكري الوائلي {الملقب بالعنزي}.
ولما نما إلى علم أمر قدوم ابن عمه يزيد لملاقاته قال : ستعلم يا يزيد إذا التقينا بشط الزاب أي فتى أكون ، ولأن يزيد كان شديد الذكاء ظل يخاتله ويماكره ، فقال بعض المحرضين للخليفة : أن يزيد يتجافى عن منازلة الوليد بسبب صلة الرحم التي بينهما فكلاهما من بيت وائل ، فلما سمع هارون الرشيد ذلك غضب بشدة ، وأمر يزيد بمناجزة الوليد بعد أن أغلظ له في القول .
وبالفعل هجم على الوليد والتقى الجيشان وثبت يزيد ومن معه وثبت الخوارج الذين كانوا مع الوليد أيضًا ، ولكن استطاع رجال يزيد أن يرهقوا الخوارج فولوا هاربين ، وهنا تبعهم يزيد ولحق بالوليد ابن عمه ، وقطع رأسه من على رقبته حتى يستريح المؤمنين من أفعاله ، وقد كان هذا اليوم يومًا مشهودًا ليزيد حيث كثرت فيه قصائد المدح فيه ، وقال بعض الشعراء عنه يومها :
يا بني وائل لقد فجعتكـــــــم من يزيد سيوف بالوليد
لو سيوف سوى سيوف يزيد قاتلته لاقت خلاف السعود
وائل بعضهم يقتل بعضًا لا يفل الحديد إلا الحديد .
ومن وقتها قيل عن يزيد العنزي {أنه لا يفل الحديد إلا الحديد} ، تعبيرًا عن قوته وأنه من دم الوليد وكان يضاهيه بسالة وشجاعة ، لهذا استطاع قهره والتخلص منه بسهولة .