أَلا اِستَهزَأَت مِنّي هُنَيدَةُ أَن رَأَت
أَسيراً يُداني خَطوَهُ حَلَقُ الحِجلِ
وَلَو عَلِمَت أَنَّ الوَثاقَ أَشَدُّهُ
إِلى النارِ قالَت لي مَقالَةَ ذي عَقلِ
لَعَمري لَئِن قَيَّدتُ نَفسي لَطالَما
سَعَيتُ وَأَوضَعتُ المَطِيَّةَ لِلجَهلِ
ثَلاثينَ عاماً لا أَرى مِن عَمايَةٍ
إِذا بَرَقَت إِلّا شَدَدتُ لَها رَحلي
أَتَتني أَحاديثُ البَعيثِ وَدونَهُ
زَرودٌ فَشاماتُ الشَقيقِ إِلى الرَملِ
فَقُلتُ أَظَنَّ اِبنُ الخَبيثَةِ أَنَّني
شُغِلتُ عَنِ الرامي الكِنانَةَ بِالنَبلِ
فَإِن يَكُ قَيدي كانَ نَذراً نَذَرتُهُ
فَما بِيَ عَن أَحسابِ قَومِيَ مِن شُغلِ
أَنا الضامِنُ الراعي عَلَيهِم وَإِنَّما
يُدافِعُ عَن أَحسابِهِم أَنا أَو مِثلي
وَلَو ضاعَ ما قالوا اِرعَ مِنّا وَجَدتَهُم
شِحاحاً عَلى الغالي مِنَ الحَسَبِ الجَزلِ
إِذا ما رَضوا مِنّي إِذا كُنتُ ضامِناً
بِأَحسابِ قَومي في الجِبالِ وَفي السَهلِ
فَمَهما أَعِش لا يُضمِنوني وَلا أَضَع
لَهُم حَسَباً ما حَرَّكَت قَدَمي نَعلي
وَلَستُ إِذا ثارَ الغُبارُ عَلى اِمرِئٍ
غَداةَ الرِهانِ بِالبَطيءِ وَلا الوَغلِ
وَلَكِن تَرى لي غايَةُ المَجدِ سابِقاً
إِذا الخَيلُ قادَتها الجِيادُ مَعَ الفَحلِ
وَحَولَكَ أَقوامٌ رَدَدتَ عُقولَهُم
عَلَيهِم لَكانوا كَالفَراشِ مِنَ الجَهلِ