بدقيقة واحدة ، تنتهي حياةُ بيتٍ كاملة. البيتُ
قتيلاً هو أيضاً قَتْلٌ جماعيّ حتى لو خلا من
سُكَّانه. مقبرة جماعية للموادّ الأولية الـمُعَدَّةِ
لبناء مبني للمعني ، أو قصيدةٍ غير ذات
شأن في زمن الحرب. البيت قتيلاً هو
بَتْرُ الأشياء عن علاقاتها وعن أسماء
المشاعر. وحاجةُ التراجيديا إلي تصويب
البلاغة نحو التَّبَصُّر في حياة الشيء. في
كل شيء كائنٌ يتوجَّع… ذكري أَصابع
وذكري رائحة وذكري صورة. والبيوت تُقْتَلُ
كما يُقْتَلُ سكانها. وتُقْتَلُ ذاكرةُ الأشياء :
الحجر والخشب والزجاج والحديد والإسمنتُ
تتناثر أشلاء كالكائنات. والقطن والحرير
والكتّان والدفاتر والكتب تتمزّق كالكلمات التي
لم يتسَنَّ لأصحابها أن يقولوها. وتتكسَّر
الصحون والملاعق والألعاب والاسطوانات والحنفيّات
والأنابيب ومقابض الأبواب والثلاّجة والغسَّالة
والمزهريات ومرطبانات الزيتون والمخللات والمعلبات
كما انكسر أصحابها. ويُسحق الأبْيَضَان الملح
والسُّكَّر، والبهارات وعلب الكبريت وأقراص الدواء
وحبوب منع الحمل والعقاقير الـمُنَشطة وجدائل
الثوم والبصل والبندورة والبامية الـمُجَفَّفة والأرُزُّ
والعدس ، كما يحدث لأصحابها. وتتمزَّق عقود
الإيجار ووثيقة الزواج وشهادة الميلاد وفاتورة
الماء والكهرباء وبطاقات الهوية وجوازات السفر
والرسائل الغرامية ، كما تتمزّق قلوب أَصحابها.
وتتطاير الصُّوَر وفُرَشُ الأسنان وأمشاط
الشَّعْر وأدوات الزينة والأحذية والثياب
الداخلية والشراشف والمناشف كأسرار عائلية
تُنْشَرُ على الملأ والخراب. كل هذه الأشياء
ذاكرةُ الناس التي أُفْرِغَتْ من الأشياء ، وذاكرة
الأشياء التي أُفْرِغَتْ من الناس… تنتهي
بدقيقة واحدة. أشياؤنا تموت مثلنا. لكنها
لا تُدْفَنْ معنا !
اقرأ أيضاً
أيا شعب مصر
تهبُّ الرِّياحُ و لا مَهْرَبُ فأرضُ الكِنَانَةِ لا تَلْعبُ ومِصرُ الكِنانَةِ تاريخُها ينابيعُ تُعطي و لا تنْضُبُ وشعبُ…
أأخشاه جفنا ما تسل قواضبه
أأخشاهُ جفناً ما تُسَلُّ قواضِبُهُ وحدُّ حسامي ما تُفَلُّ مضاربهْ فأين يدي هاتيكَ والسيفُ في يدي وما لفؤادي…
ملكت من أصبح لي مالكا
ملكتُ من أصبحَ لي مالكاً لكنّهُ في ملكِهِ ظالمُ لو شئتُ لاستاقَتْهُ لي قُدرةٌ لكنَّ حكمَ الحُبِّ لي…
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسْأَل اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه لا يَنْثَني عَنهُ…
ولربما حذر الفتى
وَلَرُبَّما حَذِرَ الفَتى ما لَيسَ يُنجي مِنهُ حِذر كَالمُتَّقي قَطرَ السَحا بِ وَحَولَهُ في الأَرضِ بَحر
وحق جفونك فهي التي
وَحَقِّ جُفُونِكَ فَهْيَ الَّتي إِذا ما حَلَفْتُ بِها أَصْدُقُ لَقَدْ فَتَحَ الشَّوْقُ لِي مِنْ هَوَا كَ بَاباً مِنَ…
أحببت مية حبا لا يعادله
أحببتُ ميَّة حبّاً لا يُعادله حبٌّ وأفنيت فيها العمر أجمعَه أُحبُّ عمري الذي في قرب ميَّ وما قد…
لا أنت أعطيت الجزيل ولا حنت
لا أَنتَ أَعطَيتَ الجَزيلَ وَلا حَنَت شاجي عَلَيَّ وَلا أَوَت لِيَ رامي كانَ السِرارُ لِعارِمٍ في أَمرِنا رُؤيا…