تَقيَّلَ نوشرْوانَ بعد ذَهابهِ
وكانَ مُنيفَ المجد جَمَّ المَناقبِ
كريمُ بَنيهِ ذو المَعالي مُحمَّدٌ
ومُحرز فخرَيْ سعْيهِ والمناصبِ
فجاء جلالُ الدين أشرفَ وارثٍ
وأطيبَ مولودٍ وأكرمَ نائبِ
فتىً كالحيا والسيف يُرجى ويتَّقى
لثرْوةِ عافٍ أو لحتْف مُحاربِ
فقلتُ حياةٌ للعُلى بعد موْتهِ
وناجمُ مجْدٍ بعد آخِرَ غاربِ
فصاحبتُ منه باسم الثغْر ناصِراً
على الخطب فَلاَّلاً لجيش النوائب
اُصَرِّفهُ أمْراً ونهْياً كأنني
عليه أميرٌ حيثُ عَنَّتْ مآربي
اذا اسْطاع نصراً شدَّ شدة ضيغمٍ
واِلا فَباكٍ لي بُكاءَ الحَبائبِ
وكنتُ اذا ناديْتُه لمُلِمَّةٍ
أتاني جَريئاً مُلغياً للعواقبِ
يهونُ عليه وهَنْهُ بصيانتي
وبِذْلتهُ ما عَزَّ قدري وجانبي
ولم أدْرِ أنَّ الموتَ اِثْرَ محمدٍ
يُساوقُ أعْناقَ الصَّبا والجنائبِ
وأنَّ رَجائي في مَساعيهِ ضِلَّةٌ
ولم يبقَ منه غيرُ موقفِ راكبِ
ومما شجاني فقْدهُ وهو يانِعٌ
نضيرٌ كغُصنِ البانَةِ المُتَلاعبِ
وأن الليالي لم تُطِعْهُ لبغْيةٍ
ولم يرْوَ منْ ماءِ المُنى والمَطالبِ
فوا أسفا والصبُّ تحرقه النَّوى
لِمُخْترمٍ كالبدر بين الكواكبِ
كثيرُ همومِ النَّفس يكتمُ همَّهُ
ويظهرُ في جَذْلانَ للناس لاعبِ
فقدتك فقْدَ الصَّادياتِ طَليحةً
على العِشْر والتأويب عذب المشارب
بَراهُنَّ اِدمانُ الرَّسيم وهُدِّمتْ
من الوخْدِ أشراف الذرى والغوارب
فلما رُجْون الماء حيث عَهِدْنَهُ
أنخْنَ بجعْجاعٍ من القفر عازب
فأصبحْنَ يفْحصْنَ العزاز تلدُّداً
وقد حالَ خطبٌ بين وِرْدٍ وشارب
واُقْسمُ أنَّ المورد العذْبَ دونما
فقدتُ ووجدي فوق وجد الركائب
لكَ اللّهُ اما الصَّبْرُ فهو مُبايني
عليكَ وأما الحزنُ فهو مُصاحبي
وليس إِلى سُلْوان ودِّكَ مذهبٌ
ولا شغفي اِنْ حال موتٌ بذاهبِ
وطارقِ ليلٍ قد قَريْتَ وخائفٍ
حميت وودٍّ قد حفظْتَ لصاحبِ
ولهْفانَ مكروبٍ حليفِ لُبانَةٍ
يُذادُ ذِيادَ العاطشاتِ الغَرائبِ
يُحاولُ مرْهوباً عَصيّاً كأنما
يُزاولُ عاديّاً مَنيعَ الجَوانبِ
تَخاذلَ عن اِنْجادهِ البأسُ والحجا
وكلَّ شَبا آرائهِ والقَواضبِ
نصرت بمعسولٍ من اللُّطف دونه
طِعانُ العَوالي وازْدحام الكتائبِ
فلا يبعدنكَ اللّهُ يا خير حاضِرٍ
أعانَ على الجُلَّى ويا خيرَ غائبِ
سأبكيك ما سَحَّ الغَمامُ وغرَّد ال
حمامُ وما أجَّتْ ظِباءُ السَّباسبِ