اليوم أصبح فيك الوقت منتظما

التفعيلة : البحر البسيط

اليوم أصبحَ فيك الوقتُ منتظماً

وهوَّنَ الله أمراً كانَ قد عَظُما

أمست عمانُ وأنت الشهم سيدها

لا يُستباح لها في الحادثات حمى

مدت إليها يد الجاني فما ظفرت

إلاَّ بما أعقب الخسران والندما

من بعد ما هاج شراً من مكانته

وكاد يوقد في أطرافها ضرما

تمسكاً بحبال الشمس من طمع

ومورداً من سراب لا يبلّ ظما

فلم يُوَفَّقْ إلى نجح يؤمِّله

والمرء إنْ فقد التوفيق أو عدما

لم يهده الرأي إلاَّ للضلال ولا

يزيده عدم التوفيق غير عمى

أضلَّ مسعاه تركي في غوايته

كأنه اختار عن وجدانه العدما

نصحته وبذلتَ النصح تنذره

مستعملاً بالنذير السيف والقلما

فما ارعوى لك عن وهم توهمه

كأنَّ في أُذْنِه عن ناصح صمما

أرادَ في زعمه أنْ يستطيل على

عمان قهراً فلم يظفر بما زعما

وكان غايته الحرمان يومئذٍ

ولو أطاعك واسترضاك ما حرما

خيَّرته قبل هذا اليوم في نعم

ولم يكن ثمَّ ممن يشكر النعما

وجاء يطلب مُلكاً منك ليس له

فقيل خصمان في إرثِ العُلى اختصما

حتَّى إذا كانَ لا يصغي إلى حكم

حكمتما الصارم الهندي بينكما

قضى لك السيف فيما قد قضى ومضى

فيا له حَككَمٌ عدلٌ إذا حكما

وما تجاوزت الإنصاف شفرته

وما أضلَّ بمظلوم وإن ظُلِما

وقالت الناس باديها وحاضرها

ما جار سالم في حكم ولا ظلما

أنزلَته من منيعات الحصون ولو

تركت تركي رهين الحصن مات ظما

أراد مستعصماً فيه ومعتصماً

وما رأى في منيع الحصن معتصما

ولم يجد سلَّما يرقى السماء به

ولو رمى نفسه في البحر لالتُقما

وإنَّه قبل إعطاء الأمان له

ما استشعر الموت حتَّى استشعر الندما

وغرَّه مَن دعاه في خيانته

فجاءها عقبات الموت واقتحما

أذقته العفو حُلواً عن جنايته

وكان عفوك عمَّن قد جنى كراما

عفَوْت عنه ولكن عفوَ مقتدرٍ

والعفو أقرب للتقوى كما عُلما

وما هتكت وأيم الله حرمته

وكان عندك حتَّى زال محترما

وربما لامك اللّوام عن سَفَهٍ

وقد يلومك بين الناس من لؤما

أما وربِّك لو أربى طغى وبغى

وما عفا مثلما تعفو بل انتقما

رحمته ولو استولى عليك لما

أبقى عليك ولم يلحق بمن رحما

أراد ربُّك أنْ تعفو بقدرته

ليظهر الفضل والتمييز بينكما

والله يَعْلَمُ والدنيا بأجمعها

لو نال من سالمٍ تركي لما سلما

لا زال يولي جميلاً من صنائعه

وهكذا كرم الشهم الَّذي كرما

من سيّدٍ بالغٍ رشد الشيوخ نُهىً

رضيع ثدي المعالي قبل أن فطما

تبارك الله ما أبهى سناه فتىً

كالنجم يهدي سبيل الرشد مذ نجما

الثابت الجأش في سِلْم ومعترك

في موطن الفخر قد أرسى له قدما

الباسم الثغر والهيجاء عابسة

والسيف يقطر من هام الكماة دما

فمن صدور العوالي ما يرى وصباً

ومن نفوس المعالي ما شفى سقما

تساهما هو والجد السعيد بما

حازاه من كرم الأخلاق واقتسما

ويا له ولد أعنيه من ولدٍ

أحيى له ذكره الماضي وإنْ قدما

تحفُّه من عمان سادةٌ نجبٌ

تسمو لهم في سماوات العلاء سما

يحمون سيّدهم من كلّ نازلة

بفيصل يغلق الهامات والقمما

ولم يكن غيره الحامي لحوزتها

إذا ادلهمّ من الأخطار ما دهما

تبيت لا كملوك الهند تكلأها

ترعى الأسود وهم يرعونها غنما

لولا وجودك هذا الداء ما حسما

وذلك الصدع لولا أنت ما التأما

لطف من الله فيك الله أظهره

من بعد ما كانَ سر اللطف مكتتما

وافت إلينا فوافت بالسرور كما

ندعو من الله فيها فاغرين فما

سرَّت بها البصرة الفيحاء وابتهجت

منها النفوس وأنف الصند قد رغما

بشارة عمَّت الدنيا مسرّتها

واهتز منها العلى والمجد وابتسما

قد يَسَّرَ الله أمراً أنت فعله

وإن لله في تقديره حِكَما

لا زلت بالجود والإحسان مبتدراً

كالغيث حيث همى والبحر حيث طمى

فمن مزاياك ما تكسو النجوم سناً

ومن عطاياك ما قد يخجل الديما

ولم أزل كلماتي فيك أنظمها

كما تتابع قطر المزن وانسجما


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

دنف ذو مهجة في الحب تصدا

المنشور التالي

ما زلت أول مغرم مفتون

اقرأ أيضاً

تضج ربداء من الخطاب

تَضِجُّ رَبداءُ مِنَ الخُطابِ مِن قَطَرِيَّينَ وَمِن ضَبابِ وَمِن أَبي الدَعجاءِ كَالصُؤابِ وَمِن مُجيبٍ فاتِحِ العِيابِ