نظَرتُ خِلالَ الرَّكْبِ والمُزْنُ هَطّالُ
إِلى الجِزْعِ هَل تَروى بِواديهِ أطْلالُ
وأخْفَيتُ ما بي من هَوًى ومَطِيُّنا
يُلَبِّسُ أُخْراهُ بأُولاهُ إعْجالُ
وقُلتُ لهُمْ جُرْتُمْ فَميلُوا إِلى اللِّوى
وما القومُ لولا حُبُّ عَلْوَةَ ضُلاّلُ
فَحُيِّيتَ رَبْعاً كادَ يَضْحَكُ رَسْمُهُ
ونَمَّ بما أُخْفي مِن الوَجْدِ إعْوالُُ
وقَدْ عَلِموا أنّي أجَرْتُ رِكابَهُمْ
فقالوا وهُم مِمّا يُعانونَ عُذّالُ
أراكَ الحِمى وادي الأراكِ فَزُرْتَهُ
وضَلَّ بنا مِمّا نُوافِقُكَ الضّالُ
وقد نَفعَتْني وَقْفَةٌ في ظِلالِه
فلَمْ أُرْعِهِمْ سَمْعي ولا ضَرَّ ما قالوا
وقَلَّ لِذاكَ الرَّبْعِ مِنّا تَحيَّةٌ
كما خالطَتْ ماءَ الغَمامَةِ جِريالُ
تَعَثَّرُ في أذيالِهِنَّ خَمائِلٌ
إذا انْسَحَبَتْ فيهِ مِن الرّيحِ أذْيالُ
لَيالِيهِ أسحارٌ وفيهِ هَواجِرٌ
كما خَضِلَتْ والشّمسُ تَنعَسُ آصالُ
فلم يَبقَ إلا غُبَّرٌ مِن تَذَكُّرٍ
إذا لاحَ مَغْنًى لِلْبَخيلةِ مِحْلالُ
وقد خَلَفَ الدّهْرُ الغَواني فصَرْفُهُ
كألحاظِها في مَنزِلِ الحَيّ مُغْتالُ
ولَم أدْرِ مَنْ أدنى إِلى الغَدْرِ صاحِبي
أمِ الدّهْرُ أم مَهْضومَةُ الكَشْحِ مِكْسالُ
منَ العَربيَّاتِ الحِسانِ كأنَّها
ظِباءٌ تُناغِيها بِوَجْرَةَ أطفالُ
يُباهي بها الليْلُ النّهارَ فشُبْهُهُ
عُقودٌ ومِن عَيْنِ الغَزالَةِ أحْجالُ
فلا وصْلَ حتّى يَذْرَعَ العِيسُ مَهْمَهاً
إذا الجِنُّ غَنّتْنا بهِ رَقَصَ الآلُ
نَزورُ إماماً يَعلَمُ الله أنّهُ
مُطيقٌ لأعْباءِ المَكارِمِ مِفْضالُ
يَضيقُ على قُصّادِهِ كُلُّ مَنهَجٍ
فَقد مَلأَتْ أقطارَهُ عَنه قُفَّالُ
إليكَ ابن عَمِّ المُصْطَفى تَرتَمي بِنا
رَكائِبُ أنْضاهُنَّ وَخْدٌ وإرْقالُ
لَئِنْ لوَّحَتْنا الشّمسُ والبُرْدُ مُنْهِجٌ
فَقَد يَبلُغُ المَجْدَ الفَتى وهْوَ أسْمالُ
ولَم يَبْقَ منّي في مُهاواتِنا السُّرى
ومِنْ صاحِبي إلا نِجادٌ وسِرْبالُ
أضاءَتْ لنا الأيّامُ في ظِلِّ دَولَةٍ
بِعَدْلِكَ فيها للرّعِيَّةِ إهْلالُ
وما الأرْضُ إلا الغَابُ أنتُمْ أُسودُهُ
وهَلْ يُستَباحُ الغابُ يَحْميهِ رِئبالُ
وإنَّ امرأً ولَّيْتَهُ الحَرْبَ لاقِحاً
قَليلٌ لهُ في مُعْضِلِ الخَطْبِ أمثالُ
تتَبَّعَ أهواءَ النُفوسِ فصرَّحَتْ
بحُبِّكَ أقوالٌ لَهنَّ وأفعالُ
وسكَّنَ رَوْعَ النّائِباتِ بِعَزْمَةٍ
يَذِلُّ لَها في حَوْمَةِ الحَرْبِ أبْطالُ
فَلَمْ يَسْتَشِرْ حَدَّيْهِ أبيضُ صارِمٌ
ولا هَزَّ مِن عِطْفَيْه أسْمَرُ عَسّالُ
ورُدَّتْ صُدورُ الخَيلِ وهْيَ سليمةٌ
كما سَلِمَتْ في الرّوْعِ منْهُنَّ أكْفالُ
على حينِ صاحَتْ بالضَّغائنِ فِتنةٌ
ومَدَّتْ هَوادِيها إِلى القَومِ آجالُ
ولَو لَمْ توَقِّرْها أناتُكَ لالْتَقَتْ
بمُعْتَرَكِ الهَيجاءِ هامٌ وأوْصالُ
فأنت اللّبابُ المَحْضُ مِن آل هاشمٍ
بِذِكْرِكَ أعوادُ المَنابِرِ تَختالُ
عليْكَ التَقَى بالفَخْرِ عَمْروٌ وعامِرٌ
فلِلَّهِ أعمامٌ نَمَوْكَ وأخوالُ
أغَرُّ كِنانيٌ عَلَتْ مُضَرٌ بهِ
وأروعُ مِن عُلْيا رَبيعةَ ذَيّالُ
هُمُ القوْمُ يَقْرُونَ الرَّجاءَ عَوارِفاً
على ساعةٍ فيها السَّمَاحَةُ أقوالُ
بِمُستَمطِراتٍ مِن أكُفٍّ كَريمَةٍ
تَزاحَمُ آجالٌ علَيها وآمالُ
إذا أنعَموا أغْنَوْا وإنْ قَدَرُوا عَفَوْا
وإنْ ساجَلوا طالُوا وإنْ حاوَلوا نالوا
وتلكَ مَساعِيهِمْ فلَو شِئْتُ حَدّثَتْ
بما استُودِعَتْ منها شُهورٌ وأحوالُ
ولِلشِّعْرِ منها ما أؤَمِّلُ فالعُلا
إذا لَم أسِمْها بالقَصائِدِ أغْفالُ
ورُبَّ مُغالٍ في مَديحي نَبَذْتُهُ
ورائي فخَيْرٌ مِن أيادِيهِ إقْلالُ
وعِفْتُ ثَراءً دونَه يَدُ باخِلٍ
إذا لَم أصُنْ عِرضي فلا حَبّذا المالُ
ولم أرضَ إلا بالخَلائِفِ مَطلَباً
فما خاملٌ ذِكري ولا النّاسُ أشكالُ
وأعتَقْتُ إلا من نَوالِكَ عَاتِقي
على أنَّ أطواقَ المَواهبِ أغلالُ