سَلِ الرَّكْبَ يا ذَوّادُ عنْ آلِ جَسّاسِ
هلِ ارْتَبَعوا بعْدَ النُقَيْبِ بأوْطاسِ
فإني أرى النّيرانَ تَهْفو فُروعُها
على عَذَبِ الوادي بمَيْثاءَ مِيعاسِ
تنَوَّرْ سَناها منْ بَعيدٍ ولا تُرَعْ
فليس على مَنْ آنَسَ النّارَ منْ باسِ
ومنْ مُوقِديها غادَةٌ دونَها الظُّبا
تَلوحُ بأيْدي غِلْمَةٍ غيرِ أنْكاسِ
وكُلُّ رُدَيْنيٍّ كأنّ سِنانَهُ
يَعُطُّ رِداءَ الليْلِ عنهُمْ بنِبْراسِ
مُهَفْهَفَةٌ غَرْثَى الوِشاحَيْنِ دونَها
تَحَرُّشُ عُذّالٍ ورِقْبَةُ حُرّاسِ
يضيءُ لها وَجْهٌ يرِقُّ أديمُهُ
فما ضَرّها لو رَقَّ لي قَلْبُها القاسي
وفي المِرْطِ دِعْصٌ رشَّهُ الطَّلُّ أُزِّرَتْ
بهِ تحتَ غُصْنٍ فوقَهُ البَدْرُ ميّاسِ
سمَوْتُ لَها والليلُ حارَتْ نُجومُه
على أُفُقٍ عارٍ بظِلِّ الدُّجى كاسِ
فهبَّتْ كما ارْتاعَ الغَزالُ وأوْجَسَتْ
مِن ابْنِ أبيها خِيفَةً أيَّ إيجاسِ
تُشيرُ إِلى مُهْري حِذارَ صَهيلِهِ
وتَسْتَكْتِمُ الأرْضَ الخُطا خَشْيَةَ النّاسِ
فقلْتُ لها لا تَفْرَقي وتشبّثي
بنهّاسِ أقْرانٍ ومنّاعِ أخْياسِ
تَرُدُّ يَدَيْهِ عنْ وِشاحِكِ عِفّةٌ
وعِرْضٌ صَقيلٌ لا يُزَنُّ بأدْناسِ
وطوَّقْتُها يُمْنى يَديَّ وصارِمي
بيُسْرايَ فارْتاحَتْ قَليلاً لإيناسي
وذُقْتُ عَفا عَنّا الإلهُ وعَنكُمُ
جَني ريقَةٍ تُلهي أخاكُمْ عنِ الكاسِ
فلمّا اسْتَطارَ الفَجْرُ مالَ بعِطْفِها
وداعي كما هزَّ الصَّبا قُضُبَ الآسى
وكَمْ عَبْرَةٍ بلَّتْ وِشاحاً ومِحْمَلاً
بِها زَفْرَةٌ أدْمَتْ مَسالِكَ أنْفاسي
ولاحَتْ تَباشيرُ الصّباحِ كأنّها
سَنا المُقْتَدي باللهِ في آلِ عَبّاسِ
حَمى بَيضَةَ الإسلامِ فاسْتَحْكَمَتْ بهِ
عُراهُ وقد شُدَّتْ لَديهِ بأمْراسِ
يَلوذُ الرّعايا آمِنينَ بعِزِّهِ
لِياذَ عِتاقِ الطّيْرِ بالجَبلِ الرّاسي
ويُلْحِفُهُمْ ظِلاً منَ العَدْلِ وارِفاً
ويَرْعاهُمُ بالنّائِلِ الغَمْرِ والباسِ
إليكَ أميرَ المؤمِنينَ رَمَتْ بِنا
عُلاً تَنْتَهي أعْراقُهُنَّ إِلى الياسِ
ولما اسْتَقَلّتْ بي إِلى العِزِّ هِمّتي
نَفَضْتُ بوادِيكَ المُقَدَّسِ أحْلاسي
فأقْلَعَتِ الأيّامُ عني ورُبّما
أطَلَّتْ بأنْيابٍ عليَّ وأضْراسِ
ولولاكَ لمْ أسْتَوْهِبِ العِيسَ هَبَّةً
على طُرُقٍ تُغْوي الأدِلاّءَ أدراسِ
طَوَيْتُ إِلى ناديكَ كُلَّ مُبَخَّلٍ
أبَتْ شَوْلُهُ أن تُسْتَدَرَّ بإبْساسِ
وكُنتُ أرَجّي الناسَ قبلَ لِقائِكُمْ
فها أنا بِعْتُ الزِّبْرِقانَ بشَمّاسِ