خاض الدجى ورواق الليل مسدولب

التفعيلة : البحر البسيط

خاض الدُّجى ورِواقُ الليل مَسدولبُ

بَرقٌ كما اهتزَّ ماضي الحدِّ مَصقولُ

أَشيمُهُ وضجيعي صارمٌ خَذِمٌ

ومِحمَلي بِرَشاشِ الدَّمعِ مَبلولُ

فحَنَّ صاحبُ رَحْلي إذ تأمَّلَهُ

حتى حَنَنْتُ ونِضْوي عنهُ مَشغولُ

يَخْدي بأرْوَعَ لا يُغْفي وناظِرُهُ

بإثْمِدِ اللّيْلِ في البَيْداء مَكحولُ

ولا يَمُرُّ الكَرَى صَفْحاً بمُقْلَتِهِ

فَدونَهُ قاتِمُ الأرْجاءِ مَجهولُ

إذا قضَى عُقَبَ الإسراءِ لَيلَتَهُ

أناخَهُ وَهْوَ بالإعْياءِ مَعْقولُ

واعْتادَهُ مِنْ سُلَيمى وَهْيَ نائِيَةٌ

ذِكرٌ يُؤرِّقُهُ والقَلبُ مَتبولُ

رَيَّا المَعاصِمِ ظَمأى الخَصْرِ لا قِصَرٌ

يَزوي عَليها ولا يُزْري بِها طولُ

فَالوجْهُ أبلَجُ واللّبَّاتُ واضِحةٌ

وفَرعُها وارِدٌ والمَتْنُ مَجدولُ

كأنّما ريقُها والفَجْرُ مُبتَسِمٌ

فيما أظُنُّ بِصَفْوِ الرّاحِ مَعلولُ

صَدَّتْ ووقَّرَني شَيبي فما أرَبي

صَهْباءُ صِرفُ ولا غَيداءُ عُطبولُ

وحَال دونَ نَسيبي بالدُّمى مِدَحٌ

تَحبيرُها بِرضى الرّحمنِ مَوصولُ

أُزيرُها قرَشيّاً في أسِرَّتِهِ

نُورٌ ومِنْ راحتَيْهِ الخَيْرُ مأمولُ

تَحكي شَمائلُهُ في طِيبِها زَهَراً

يَفوحُ والرّوضُ مَرهومٌ ومَشمولُ

هُوَ الذي نَعَشَ اللهُ العِبادَ بهِ

ضَخْمَ الدَّسيعَةِ مَتبوعٌ ومَسؤولُ

فكُلُّ شيءٍ نَهاهُمْ عنهُ مُجتَنَبٌ

وأمرُهُ وهْوَ أمرُ اللهِ مَفعولُ

مِنْ دَوحةٍ بَسَقَتْ لا الفَرْعُ مؤْتَشَبٌ

مِنها ولا عِرقُها في الحَيِّ مَدخولُ

أتى بمِلَّةِ إبراهيمَ والدِهِ

قَرْمٌ على كَرَمِ الأخلاقِ مَجبولُ

والناسُ في أَجَّةٍ ضَلَّ الحَليمُ بها

وكُلُّهُمْ في إسارِ الغَيِّ مكبلولُ

كأنَّهم وعوادي الكُفرِ تُسلِمُهم

إِلى الرَّدى نَعَمٌ في النَّهبِ مَشلولُ

يا خاتَمَ الرُّسْلِ إنْ لَم تُخشَ بادِرَتي

على أعادِيكَ غالَتْني إذنْ غولُ

والنّصْرُ باليَدِ مِنِّي واللِّسانِ معاً

ومَنْ لَوى عنكَ جِيداً فهْوَ مَخذولُ

وساعِدي وهْوَ لا يُلوي بهِ خَوَرٌ

على القَنا في اتِّباعِ الحقِّ مَفتولُ

فَمُرْ وقُلْ أَتَّبِعْ ما أنتَ تَنهَجُهُ

فالأمرُ مُمتَثَلٌ والقولُ مَقبولُ

وكُلَّ صَحْبِكَ أهوى فالهُدى مَعَهُمْ

وغَرْبُ مَن أبغَضَ الأخيارَ مَفلولُ

وأقتدي بضَجيعَيْكَ اقتِداءَ أبي

كِلاهُما دَمُ مَن عاداهُ مَطلولُ

ومَن كعُثمانَ جُوداً والسّماحُ لهُ

عِبءٌ على كاهِلِ العَلياءِ مَحمولُ

وأينَ مِثلُ عَليٍّ في بَسالَتِهِ

بمَأزِقٍ مَن يَرِدْهُ فهْوَ مَقتولُ

إني لأعْذُلُ مَن لم يُصْفِهِمْ مِقَةً

والناسُ صِنفانِ مَعذورٌ ومَعذولُ

فمَنْ أحبَّهمُ نالَ النّجاةَ بِهمْ

ومَن أبى حُبَّهُمْ فالسّيفُ مَسلولُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

طرقت ونحن بسرة البطحاء

المنشور التالي

يا ظلة الموج يطغى البحر منتفضاً

اقرأ أيضاً