سؤالك يا هذا سؤال معاند

التفعيلة : البحر الطويل

سؤالك يا هذا سؤال معاند

مخاصم رب العرش باري البرية

فهذا سؤال خاصم الملأ العلا

قديما به إبليس أصل البلية

ومن يك خصما للمهيمن يرجعن

على أم رأس هاويا في الحفيرة

ويدعى خصوم اللَه يوم معادهم

إلى النار طرا معشر القدرية

سواء نفوه أو سعوا ليخاصموا

به اللَه أو ماروا به للشريعة

واصل ضلال الخلق من كل فرقة

هو الخوض في فعل الإله بعلة

فانهموا لم يفهموا حمة له

فصاروا على نوع من الجاهلية

فإن جميع الكون أوجب فعله

مشيئة رب الخلق باري الخليقة

وذات إله الخلق واجبة بما

لها من صفات واجبات قديمة

مشيئته مع علمه ثم قدرة

لوازم ذات اللَه قاضي القضية

وابداعه ما شاء من مبدعاته

بها حكمة فيه وأنواع رحمة

ولسنا إذا قلنا جرت بمشيئة

من المنكري آياته المستقيمة

بل الحق أن الحكم للّه وحده

له الخلق والأمر الذي في الشريعة

هو الملك المحمود في كل حالة

له الملك منغير انتقاص بشركة

فما شاء مولانا إلا له فإنه

يكون ومالا لا يكون بحيلة

وقدرته لا نقص فيها وحكمه

يعم فلا تخصيص في ذي القضية

أريد بذا أن الحوادث كلها

بقدرته كانت ومحض المشيئة

ومالكنا في كل ما قد أراده

له الحمد حمداً يعتلى كل مدحة

فإن له في الخلق رحمته سرت

ومن حكم فوق العقول الحكيمة

أموراً يحار العقل فيها إذا رأى

من الحكم العليا وكل عجيبة

فنؤمن أن اللَه عز بقدرة

وخلق وابرام لحكم المشيئة

فنثبت هذا كله لا لهنا

ونثبت ما في ذاك من كل حكمة

وهذا مقام طالما عجز الأولى

نفوه وكروا راجعين بحيرة

وتحقيق ما فيه بتبيين غوره

وتحرير حق الحق في ذي الحقيقة

هو المطلب الاقصى لوراد بحره

وذا عسر في نظم هذي القصيدة

لحاجته الى بيان محقق

لاوصاف مولانا الاله الكريمة

واسمائه الحسنى واحكام دينه

وافعاله في كل هذي الخليقة

وهذا بحمد اللَه قد بان ظاهراً

والهامه للخلق افضل نعمة

وقد قيل في هذا وخط كتابه

بيان شفاء للنفوس السقيمة

فقولك لم قد شاء مثل سؤالك من

يقول فلم قد كان في الأزلية

وذاك سؤال يبطل العقل وجهه

وتحريمه قد جاء في كل شرعة

وفي الكون تخصيص كثير بدل من

له نوع عقل أنه بارادة

واصداره عن واحد بعد واحد

أو القول بالتجويز رمية حيرة

ولا ريب في تعليق كل مسبب

بما قبله من علة موجبية

بل الشأن في الأسباب اسباب ما ترى

واصدارها عن حكم محض المشيئة

وقولك لم شاء الاله هو الذي

أزل عقول الخلق في قعر حفرة

فان المجوس القائلين بخالق

لنفع ورب مبدع للمضرة

سؤالهم عن علة السر أوقعت

أوائلهم في شبهة الثنوية

وان ملاحيد الفلاسفة الأولى

يقولون بالفعل القديم لعلة

بغوا علة للكون بعد انعدامه

فلم يجدوا ذاكم فضلوا بضلة

وان مبادي الشر في كل أمة

ذوي ملة ميمونة نبوية

بخوضهمو في ذاكم صار شركهم

وجاء دروس البينات بفترة

ويكفيك نقضاً ان ما قد سألته

من العذر مردود لدى كل فطرة

فأنت تعيب الطاعنين جميعهم

عليك وترميهم بكل مذمة

وتنحل من والاك صفو مودة

وتبغض من ناواك من كل فرقة

وحالهم في كل قول وفعلة

كحالك يا هذا بأرجح حجة

وهبك كففت اللوم عن كل كافر

وكل غوى خارج عن محجة

فيلزمك الاعراض عن كل ظالم

على الناس في نفس ومال وحرمة

ولا تغضبن يوماً على سافك دما

ولا سارق مالا لصاحب فاقة

ولا شاتم عرضا مصونا وان علا

ولا ناكح فرجا على وجه غية

ولا قاطع للناس نهج سبيلهم

ولا مفسد في الارض في كل وجهة

ولا شاهد بالزور إفكا وفرية

ولا قاذف للمحصنات بزنية

ولا مهلك للحرث والنسل عامدا

ولا حاكم للعالمين برشوة

وكف لسان اللوم عن كل مفسد

ولا تأخذن ذا جرمة بعقوبة

وسهل سبيل الكاذبين تعمدا

على ربهم من كل جاء بفرية

وان قصدوا إضلال من يستجيبهم

بروم فساد النوع ثم الرياسة

وجادل عن الملعون فرعون اذ طغى

فاغرق في اليم انتقاماً بغضبة

وكل كفور مشرك بالهه

وآخر طاغ كافر بنبوة

كعاد ونمروذ وقوم لصالح

وقوم لنوح ثم اصحاب الأيكة

وخاصم لموسى ثم سائر من أتى

من الانبياء محيياً للشريعة

على كونهم قد جاهدوا الناس اذ بغوا

ونالوا من المعاصي بليغ العقوبة

والا فكل الخلق في كل لفظة

ولحظة عين او تحرك شعرة

وبطشة كف أو تخطى قديمة

وكل حراك بل وكل سكينة

همو تحت اقدار الاله وحكمه

كما انت فيما قد اتيت بحجة

وهبك رفعت اللوم عن كل فاعل

فعال ردى طردا لهذي المقيسة

فهل يمكن رفع الملام جميعه

عن الناس طراً عند كل قبيحة

وترك عقوبات الذين قد اعتدوا

وترك الورى الانصاف بين الرعية

فلا تضمنن نفس ومال بمثله

ولا يعقبن عاد بمثل الجريمة

وسل في عقول الناس او في طباعهم

قبول لقول النذل ما وجه حيلتي

ويكفيك نقضاً ما بجسم ابن آدم

صى ومجنون وكل بهيمة

من الالم المقضى في غير حيلة

وفيما يشاء اللَه اكمل حكمة

إذا كان في هذا له حكمة فما

يظن يخلق الفعل ثم العقوبة

وكيف ومن هذا عذاب مولد

عن الفعل فعل العبد عند الطبيعة

كآكل سم اوجب الموت اكله

وكل بتقدير لرب البرية

فكفرك يا هذا كم اكلته

وتعذيب نار مثل جرعة غصة

الست ترى في هذه الدار من جنى

يعاقب إما بالقضا أو بشرعة

ولا عذر للجاني بتقدير خالق

كذلك في الاخرى بلا مثنوية

وتقدير رب الخلق للذنب موجب

لتقدير عقبى الذنب إلا بتوبة

وما كان من جنس المتاب لرفعه

عواقب افعال العباد الخبيثة

كخيربه تمحى الذنوب ودعوة

تجاب من الجاني ورب شفاعة

وقول حليف الشر إني مقدر

علي كقول الذئب هذي طبيعتي

وتقديره للفعل يجلب نقمة

كتقديره الاشياء طراً بعلة

فهل ينفعن عذر اللوم بأنه

كذا طبعه ام هل يقال لعثرة

ام الذم والتعذيب اوكد للذي

طبيعته فعل الشرور الشنيعة

فان كنت ترجو أن تجاب بما عسى

ينجيك من نار الاله العظيمة

فدونك رب الخلق فاقصده ضارعا

مربداً لان يهديك نحو الحقيقة

وذلل قياد النفس للحق واسمعن

ولا تعرضن عن فكرة مستقيمة

وما بان من حق فلا تتركنه

ولا تعص من يدعو لأقوم شرعة

ودع دين ذا العادات لا تتبعنه

وعج عن سبيل الأمة الغضبية

ومن ضل عن حق فلا تقفونه

وزن ما عليه الناس بالمعدلية

هنالك تبدو طالعات من الهدى

تبشر من قد جاء بالحنيفية

بملة إبراهيم ذاك إمامنا

ودين رسول اللَه خير البرية

فلا يقبل الرحمن دينا سوى الذي

به جاءت الرسل الكرام السجية

وقد جاء هذا الحاشر الخاتم الذي

حوى كل خير في عموم الرسالة

وأخبر عن رب العباد بأن من

غدا عنه في الأخرى بأقبح خيبة

فهذي دلالات العباد لحائر

واما هداه فهو فعل الربوبة

وفقد الهدى عند الورى لا يفيد من

غدا عنه بل يجزى بلا وجه حجة

وحجة محتج بتقدير ربه

تزيد عذاباً كاحتجاج مريضة

واما رضانا بالقضاء فانما

أمرنا بأن نرضى بمثل المصيبة

كسقم وفقر ثم ذل وغربة

وما كان من مؤذ بدون جريمة

فأما الافاعيل التي كرهت لنا

فلا ترتضي مسخوطة لمشيئة

وقد قال قوم من اولى العلم لارضاً

بفعل المعاصي والذنوب الكبيرة

وقال فريق نرتضي بقضائه

ولا نرتضي المقضى اقبح خصلة

وقال فريق نرتضي باضافة

اليه وما فينا فنلقى بسخطة

كما انها للرب خلق وانها

لمخلوقة ليست كفعل الغريزة

فنرضى من الوجه الذي هو خلقه

ونسخط من وجه اكتساب الخطيئة

ومعصية العبد المكلف تركه

لما امر المولى وإن بمشيئة

فان إله الخلق حق مقاله

بأن العباد في جحيم وجنة

كما انهم في هذه الدار هكذا

بل البهم في الآلام ايضاً ونعمة

وحكمته العليا اقتضت ما اقتضت من ال

فروق بعلم ثم ايد ورحمة

بسوق اولى التعذيب بالسبب الذي

بقدره نحو العذاب بعزة

ويهدي اولى التنعيم نحو نعيمهم

بأعمال صدق في رجاء وخشية

وامر إله الخلق بين ما به

يسوق أولى التنعيؤم نحو السعادة

فمن كان من اهل السعادة اثرت

اوامره فيه بتيسير صنعة

ومن كان من اهل الشقاوة لم ينل

بأمر ولا نهى بتقدير شقوة

ولا مخرج للعبد عما به قضى

ولكنه مختار حسن وسوأة

فليس بمجبور عريم الإرادة

ولكنه شاء بخلق الإرادة

ومن اعجب الاشياء خلق مشيئة

بها صار مختار الهدى بالضلالة

فقولك هل اختار تركا لحكمة

كقولك هل اختار ترك المشيئة

واختار ان لا اختار فعل ضلالة

ولو نلت هذا الترك فزت بتوبة

وذا ممكن لكنه متوقف

على ما يشاء اللَه من ذي المشيئة

فدونك فافهم ما به قد أجبت من

معان إذا انحلت بفهم غريزة

اشارت إلى اصل بشير إلى الهدى

وللّه رب الخلق أكمل مدحة

وصلى إله الخلق جل جلاله

على المصطفى المختار خير البرية


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يفوح كفوح المسك فاغم نشرها

المنشور التالي

يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي

اقرأ أيضاً