ما لِقَلبي مُقَسَّم الأَفكارِ
وَكَأن قَد حُشِيَ بِجَمرَةِ نارِ
قَد دَهَتني مِن الزَمانِ خُطوبٌ
ضاقَ عَن حَملِها جَميلُ اِصطِباري
دَمعُ عَيني لِفَقدِ حَيّانَ وَحَيّا
نَ وَحيّانَ وَالنُضارَينِ جارِ
أَتُراها مِن الغَمامِ اِستمِدَّت
أَو أُمِدَّت مِن زاخِراتِ البِحارِ
خَمسَةٌ تُشرِقُ المَنازِلُ مِنهُم
أُدرِجوا تَحتَ ظُلمةِ الأَحجارِ
شَغِفَت بِالقُرآنِ وَالنَحوِ وَالخَطِّ
وَفاقَت بِهِ جَميع العذارِ
وَاعتَنَت بِالحَديثِ سَمعاً وَكَتباً
فَرَوَت جُملةً مِن الآثارِ
مُسند الدارِمي وَمُسنَدَ عَبدٍ
وَالصَحيحينِ مُسلِماً وَالبُخاري
وَالنِسائي وَمُعجمَ الطَبَراني
ثَم نصفا مِلمُعجمِ الكُبّارِ
وَلها رِحلَةٌ لِمَكَّةَ فيها
سَمِعَت مِن شُيوخِنا الأَبرارِ
خَرَّجَت أَربَعينَ عَن أَربَعينَ اك
تَتَبَتها عَن سادَةٍ أَحبارِ
وَهيَ في سُقمِ مَوتِها أَسمَعَتنا
وَأَجازَت جَمعاً مِن الخضّارِ
ثُمَ راحَت لَمّا قَضى اللَهُ فيها
بِثَناءٍ وَطَيِّب التَذكارِ
وَدَهاني مِن بَعدِ ذَلِكَ فَقدِي
أُمَّ حَيّانَ خِيرَةَ الأَخيارِ
كانَت أُنسِي في وَحدَتي وَاغتِرابي
وَمَنامي وَيَقظَتي وَسِفاري
وَنَديمي في رِحلَتي وَمُقامي
وَزَميلي في حُجَّتي وَاعتِماري
كُنتُ أَرجو بِأَن تَعيشَ وَتَبقى
حينَ سُقمي تَدورُ بِي وَتُداري
لَم تَكُن زَوجَةً وَلَكن كَأُمٍ
وَأَنا كَابنِها صَغيرُ الصِغارِ
كانَت الروحَ بَينَ جَنبيَّ راحَت
فَحَياتي صارَت كَثَوب مُعارِ
دَعَت اللَهَ أَن تَموتَ سَريعاً
في حَياتي في عِزَّةٍ وَاستِتارِ
فَأَجابَ الإِلهُ مِنها دُعاءً
وقَضَت نَحبَها لِدارِ القَرارِ
فَسَقى اللَهُ قَبرَها غَيرَ عاثٍ
وَحَباها بِدِيمَةٍ مِدرارِ